وجوبا ولا ندبا لأنه حيلة وهي لا تملك إلا بالقبض قيد بالنصف لأنه لو مات في آخرها ندب صرفه إلى ورثته ولو تعجل القاضي ثم مات أو عزل قبل الحول قيل يجب رد ما بقي وقيل: عندهما لا يرد كالنفقة المعجلة ويرد عند محمد والله الموفق للصواب.
[باب المرتدين]
لما فرغ من أحكام الكفر الأصلي شرع في الطارئ والمرتد عرفا هو الراجع عن دين الإسلام وقد عرفوا الدين بأنه وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات ولصحة الردة شرائط العقل والصحو والطواعية فلا تصح ردة مجنون وصبي لا يعقل كإسلامهما وقدر في (فتاوى) قارئ (الهداية) عقله بأن يبلغ سبع سنين وكذا لو كان معتوها أو موسوسا أو مغلوبا على عقله برجه من الوجوه كما في (السراج) ولا ردة سكران ولا مكره وفي (الفتح) من هزل بلفظ كفر ارتد وإن لم يعتقده للاستخفاف فهو كافر العناد، والألفاظ التي يكفر بها تعرف في الفتاوى وفي (المسايرة) ولاعتبار التعظيم المنافي للاستخفاف كفر الحنفية بألفاظ كثيرة وأفعال تصدر من المتهكمين لدلالتها على الاستخفاف بالدين كالصلاة بلا وضوء بل بالمواظبة على ترك سنة استخفافا لها بسبب أنها إنما فعلها عليه الصلاة والسلام زيادة أو استقباحها كمن استقبح من آخر جعل بعض العمامة تحت حلقه أو أحفا شاربه.
قال في (البحر): والحق أن ما صح عن المجتهد فهو على حقيقته، وأما ما يثبت عن غيره فلا يفتى به في مثل التكفير ولذا قال في بغاة (فتح القدير): بقع في كلام أهل المذاهب تكفير كثير يعني من البغاة لكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم مجتهدون بل من غيرهم ولا عبرة بغير الفقهاء انتهى. وهذا يفيد أن بعض الألفاظ الواقعة في كتب الفتاوى ليست من كلام المجتهدين فلا يعول عليها انتهى، وأنت خبير بأن كل من نقله أئمتنا الأعلام منسوب إلى الإمام إما تصريحا أو تلويحا ولو اعتبرت النسبة إلى الإمام في كل جزيئة لزم إهدار كثير من الأحكام ثم قال بعد سرد كثير من ألفاظ التكفير من (التتارخانية) وغيرها: الذي تحرز أنه لا يفتى بتكفير مسلم أمكن حمله كلامه على محمل حسن أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة فعلى هذا فأكثر ألفاظ التكفير المذكورة لا يفتى بها وقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشيء منها انتهى.