مطلق النية وحينئذٍ فله أن يعين أيهما شاء مقيدة في المختلفة كما أشرنا إليه وتعرف الأول باتحاد السبب الثاني باختلافه، ولذا كان صوم رمضان من قبيل الأول والصلاة من الثاني وكذا صوم يومين من رمضانين فإذا لم يعرفهما ينوي مما علي من رمضان الأول والثاني ولو نوى ظهرًا أو عصرًا أو صلاة جنازة لم يكن شارعًا في شيء للتنافي بخلاف ما إذا نوى ظهرًا أو نفلاً حيث يقع عن الظهر عند أبي يوسف وهو رواية ترجيحًا للقوي، وعند محمد لا يصير شارعًا أصلاً للتنافي، ولو نوى صوم القضاء والنفل أو الزكاة والتطوع أو الحج المنذور والتطوع كان على الأقوى عند أبي يوسف، وعند محمد عن التطوع لأن النيتين لما لغتا بقي مطلق النية، ولو نوى حجة الإسلام والتطوع كان على حجة الإسلام اتفاقًا أما عند أبي يوسف فللقوة، وأما عند محمد فلما ذكرنا.
قال في (الفتح): وقد يعكر على هذا الأصل ما عن أبي يوسف لو تصدق عن يمين وظهار فله أن يجعله عن أحدهما استحسانًا وهو مبني على ما هو الظاهر من أن المراد نية بعض الأفراد في الجنس المتحد لغو لكن قال في (النهاية): أراد به تعميم الجنس في النية ألا ترى أنه إذا عين ظهار أحدهما صح وحل له قربانها للتكفير والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.
[باب اللعان]
هو لغة: مصدر لاعن سماعًا والقياس الملاعنة لكن ذكر غير واحد من النحاة أنه قياس أيضًا نعم تنفرد المفاعلة غالبًا بما فاؤه ياء كياسر مياسرة ومن غير الغالب ياومه مياومة ويوامًا حكاهما ابن سيده وهو من: اللعن بمعنى الطرد والإبعاد ورجل/ لعنة بفتح المهملة كثير اللعن وبسكونها لعنه الناس كثيرًا، ولقب الباب به لما فيه من لعن الرجل نفسه في الخامسة من تسمية الشيء باسم جزيه ولم يسم بالغضب وإن كان موجودًا فيه من جانبها لأن لعنه أسبق والسبق من أسباب الترجيح، وشرعًا ما أفاده بقوله (هي) أي: اللعان والتأنيث فيه باعتبار الخبر أعني (شهادات) نبه بذلك على أنهما لو تلاعنا فلم يفرق القاضي بينهما حتى مات أو عزل فإن الثاني يعيده، كما لو شهدا عنده فمات أو عزل فإن الثاني يعيده قبل القضاء وهذا عند أبي يوسف.