كل من الكفالة والحوالة عقد التزام ما على الأصيل للتوثق، إلا أن الحوالة تتضمن إبراء الأصيل إبراء مقيدًا كما سيجيء فكانت كالمركب مع المفرد، والثاني مقدم فلزم تأخير الحوالة وهي لغة النقل والتحويل بل قال في (المصباح): حولت الرداء نقلت كل طرف موضع الآخر، والحوالة مأخوذة من هذا يقال: أحلته بدينه نقلته من ذمتي إلى ذمتك، وأحلت الشيء إحالة نقلتها أيضًا.
وفي (الفتح) تبعًا (للدراية) يقال: أحلت زيدًا بماله على رجل فاحتال أي قبل الحوالة فأنا محيل وزيد محال ومحتال والمال محال به والرجل محال عليه ومحتال عليه وتقدير المحتال للفاعل على محتول بكسر الواو وفي المفعول بالفتح، وأما صلة له مع المحتال الفاعل فلا حاجة إليها بل الصلة مع المحال عليه لفظة عليه فهو محتال ومحتال عليه، فالفرق بينهما بعدم الصلة وبصلة عليه ويقال للمحتال أيضًا وعرفًا ما أفاده بقوله (هي) أي: الحوالة (نقل الدين من ذمة) أي: من ذمة المحيل (إلى ذمة) أي: ذمة المحال عليه هذا قول طائفة وهو الصحيح.
وفي (التتارخانية) وعليه الفتوى استدلالًا بأن المحتال لو وهب الدين من المحيل أو أبرأه منه بعد الحوالة لا تصح، ولو بقي الدين لصح كل منهما ونقض هذا التعريف بما إذا وقعت الحوالة بغير إذن المحيل فإنها صحيحة ولا نقل فيها.
وأجيب بأن معنى النقل يتحقق بعد أداء المحال عليه حتى لا يبقى إذ ذاك على المحيل شيء، ورده في (الفتح) بأنه لو صح لصح أن يقال في الكفالة بغير إذن المكفول عليه فيها نقل أيضًا بهذا الوجه، لأنه إذا أدى الكفيل عنه لم يبق عليه شيء، والحق أن أصل الجواب ساقط، فإن انتفى الدين عن المحيل بالأداء ليس هو نقل الدين بل نقله هو تحوله من محل إلى محل هو ذمة المحال عليه، وعندي أن الجواب هو أن الحوالة بغير إذن المحيل ليست حوالة من كل وجه لأن حقيقة الحوالة إن كان فعل المحيل الإحالة أو الحاصل من فعله فهو منتف لانتفاء الفعل منه، والنقل إنما هو في حقيقتها انتهى. ولا يرد على التعريف ما لو أحال على أنه متى شاء رجع المحيل حيث يجوز ويرجع على أيهما شاء، كما في (البزازية) لأن هذه كفالة معنى كما في الكفالة.