للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الجهاد]

الجهاد فرض كفاية

ــ

كتاب السير

تناسب الحدود والسير من حيث اتحاد المقصود من كل منهما من حيث إخلاء العالم عن الفساد وكون كل منهما حسن لمعنى في غيره، وقدمت الحدود ترقياً من الأدنى وهو الإخلاء عن الفسق إلى الأعلى وهو الإخلاء عن الكفر، ولأنها معاملة بين أهل الإسلام غالباً أو على الخصوص والجهاد معاملة مع المشركين، والسير جمع سيرة فعلة من السير فتكون لبيان هيئة السير وحالته، وقد استعملت كذلك في السير المعنوي في قولهم في حق عمر بن عبد العزيز: سار فينا سيرة العمرين، ثم غلبت في لسان أهل الشرع على الطريق المأمور بها في غزو الكفار وسبب ذلك كونها تستلزم السير وقطع المسافة وعبر بعضهم بالجهاد وهو أيضاً أعم غلب في عرفهم على جهاد الكفار/ (الجهاد) وهو كما في (التحفة) الدعاء إلى دين الحق والقتال مع من لا يقبله وعرفه في (إيضاح الإصلاح) بأنه بذل الوسع في القتال في سبيل الله مباشرة أو معاونة بالمال أو بالرأي أو تكثير السواد (فرض كفاية) أما كونه فرضاً فلقوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: ٥] واعترض بأنه خص منه الصبيان والمجانين والعبيد والنساء والأعمى والمقعد وخص من المشركين المستأمنين والذمي، وقيل: العام المخصوص ظني الدلالة وبه لا يثبت الغرض، وأجيب بأن تخصيص الصبيان والمجانين بالأمر بالعقل فلا يقطع في قطيعة النص.

وأما تخصيص البواقي فلا نسلم أنه بطريق النسخ على أنه يجوز أن تكون اللام للعهد والمعهودون هم المذكرون في قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم} [البقرة: ١٩٠] فلا يدخل المستأمن والذمي ونحوهما في المشركين كذا في (الحواشي السعدية) ثم حكي أن إبراهيم باشا عقد مجلساً حضر فيه أكثر الموالي وكان ذلك البحث أول الجهاد فاعترض محمد بن مير شاه على قوله في (العناية) وهو دليل قطعي يعني ما مر من النص لأنه مخالف لما صرح به بعد من أنهم أجمعوا على أنه مخصوص خص منه الذمي والمستأمن فجاز بأن يخص منه الأسير قياساً.

وأجاب عبد الحافظ العجمي بأنه لا يجوز أن يكون بالنسبة إلى الفاعل قطيعاً وبالنسبة إلى المفعول ظنياً لما دخله من التخصيص فأقحم القائل بذلك الكلام لكنه

<<  <  ج: ص:  >  >>