للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن قاتل بطلت صلاته وإن اشتد الخوف صلوا ركبانًا فرادى بالإيماء إلى أي جهة قدروا ولم تجز بلا حضور عدو.

ــ

أربعًا في الرباعية وصلى بكل طائفة ركعة فسدت صلاة الأولى والثالثة دون الثانية والرابعة.

(ومن قاتل) منهم بعمل كثير (بطلت صلاته) لا بالقليل كرمية سهم، لأنه عليه السلام أخر أربع صلوات يوم الخندق، ولو جازت مع القتال لما أخرها. قيل: فيه نظر لأن صلاة الخوف إنما شرعت في الصحيح بعد الخندق. وأجاب في (الكافي) بأنها شرعت بذات الرقاع وهي قبل الخندق، قاله ابن إسحاق وغيره قال في (الفتح) وهذا وهم بل إنما شرعت بعد الخندق ولا يضرنا ذلك في المدعى، وذلك أن المشروع بعد ذلك من صلاة الخوف لم يفد جوازه.

وإن اشتملت الآية على الأمر يأخذ الأسلحة فإنه لا ينبغي وجوب الاستئناف إن وقع محاربة، فالقدر المتحقق من فائدة الأمر بأخذ الأسلحة إباحة القتال المفسد فأفادت حله بعد أن كان حرامًا، فيبقى كل ما علم على ما علم ما لم ينف نافٍ، والذي كان معلومًا حرمة مباشرة المفسد وثبوت الفساد بفعله، والقدر الذي يستلزمه الأمر بأخذ الأسلحة رفع الحرمة لا غير فيبقى الآخر فتجب الإعادة.

(وإن اشتد الخوف) بأن لم يدعهم العدو ويصلون نازلين بل يهجمونهم، ولا بد من كونه خارج المصر وأهمله لما مرّ (صلوا ركبانًا) لقوله تعالى: {فإن خفتم فرجالاً أو ركبانًا} [البقرة: ٢٣٩]، (فرادى) إلا إذا كان على دابة واقتدى بالمتقدم فإنه يجوز (بالإيماء إلى أي جهة قدروا)، لأن فرض التوجه يسقط بالعذر قيد بالاشتداد، لأنها مع عدمه لا تجوز راكبًا.

ومن ثم قال في (المحيط): الراكب إن كان طالبًا لا تجوز صلاته، وإن مطلوبًا جازت بالركوب، لأن الماشي لا تجوز صلاته. (ولم تجز) صلاة الخوف على هذه الكيفية للقوم (بلا حضور عدو) لعدم الحاجة، حتى لو رأوا سوادًا فظنوه عدوًا ثم تبين خلافه، إلا إذا ظهر الحال قبل مجاوزة الصفوف فلهم البناء استحسانًا. ولو ذهب ببعد ما شرعوا لا يجوز لهم الانصراف والانحراف لزوال سبب الرخصة. ولو شرعوا فيها ثم حضر جازت.

[فرع]

قال في (الظهيرية): صلاة الخوف ليست بمشروعة، في حق العاصي في السفر، انتهى. وعلى هذا فلا تصح من البغاة، والله الموفق للصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>