للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي لا يأتيها لا ليأتينه فلم يأته حتى مات حنث في آخر حياته ليأتينه إن استطاع فهو استطاعة الصحة، وإن نوى القدرة دين لا تخرج إلا بإذني شرط لكل خروج إذن.

ــ

النووي: وهو الصواب وعليه فهو كالخروج، (وفي) قوله (لا يأتيها) يعني مكة (لا) أي: لا يحنث بالخروج فقط بل لا بد من الوصول إليها لأنه عبارة عنه سواء قصد أم لا بخلاف الخروج والذهاب على ما مر، وفي (الذخيرة) حلف لا تأتي امرأته عرس فلانة فذهبت قبل العرس لا يحنث ذكره في (المنتقى) معللا بأنها ما أتت العرس بل العرس أتاها ولو حلف لا يأتي فلانا فهو على أن يأتي منزله أو حانوته لقيه أو لا أتى مسجده لم يحنث، ولو حلف (ليأتينه) أي: زيدا مثلا (فلم يأته حتى مات) أحدهما (حنث) الحالف (في آخر حياته) أي: الميت لأن اليمين حيث لو يوقت بوقت يفوت البر بفواته يبقى إلى أن يقع اليأس عنه ولم يتحقق ذلك إلا في آخر جزء من أجزاء حياته، وفي قوله حنث إيماء أنه لو ارتد وبدار الحرب لحق لا يحنث وإن كان ذلك موتا حكما لبطلان يمينه بالله تعالى بمجرد الردة كما مر فتنبه له والإتيان مثال بل كل فعل ليفعلنه منقلبا وأطلقه كذلك حتى لو حلف بطلاقها ليفعلن فلم يفعل حنث بموت أحدهما، لا فرق في ذل بين موته وموتها في الصحيح فإن قيدها بوقت اعتبر آخره فإن مات قبل مضي الوقت ولم يفعل لم يحنث ولو حلف (ليأتينه إن استطاع فهي) أي: الاستطاعة (استطاعة الصحة) وهي سلامة آلات الفعل المحلوف عليه وصحة أسبابه لأنه المتعارف والمراد بآلات الجوارح، فالمريض ليس بمستطيع وصحة الأسباب تهييئه لإرادة الفعل على وجه الاختيار فخرج الممنوع.

وعن هذا قال في (الاختيار): هي سلامة الآلات ورفع الموانع وإذا عرف هذا فما في (الشرح) من زيادة قوله ورفع الموانع الحسية بعد قوله سلامة الأسباب والآلات حشو (وإن نوى) بالاستطاعة (القدرة) التي لا تسبق الفعل بل تخلق معه بلا تأثير لها فيه لأن أفعال العباد مخلوقة له تعالى (دين) حتى لا يحنث إذا لم يأته ولا عذر له لأن المعنى حينئذ لا ينفك إن خلق الله إتياني إلا أنه خلاف الظاهر فلا يصدق قضاء، وقيل: يصدق قضاء أيضا لأنه نوى حقيقته إذ اسم الاستطاعة يطلق بالاشتراك عليهما ورد بأنه وإن كان مشتركا إلا أنه تعورف استعماله عند الإطلاق عن القرينة للمعنى الأول فصار ظاهرا فيه فلا يصدقه القاضي في خلافه (لا تخرجي إلا بإذني) أو بأمري أو بعلمي أو برضاي أو لا تخرجي بغير إذني (شرط لكل خروج إذن)، لأن المستثنى خروج مقرون بالإذن فما وراء الخروج المطلق بالإذن داخل في الحظر العام وهو النكرة المؤولة بالفعل في سياق النقل فإذا خرجت مرة واحدة بلا إذن حنث

<<  <  ج: ص:  >  >>