وفي هذا الدقيق حنث بخبزه لا بسفه، والخبز ما اعتاده بلده، والشواء، والطبيخ على اللحم.
ــ
وهو أن عينها مأكول يعمها، لكن في (الكشف الكبير) أشار شيخ الإسلام خواهر زاده في أيمان (الأصل) أن قول الإمام كقولهما في أن الحقيقة تترك بالمتعارف لكنه خالفهما في هذه المسألة لأنه قال: التعارف في حنطة غير معينة لا في حنطة بعينها وإذا لم يوجد التعارف في المعينة لا يترك العمل بالحقيقة لأنه تترك بالنية أو بالعرف، ولم يوجد واحد منهما وعلى قياس قوله يجب أن يكون الجواب كما قال انتهى.
إلا أن هذا بخلاف ما عليه أكثر الأصوليين من أن الحقيقة المستعملة عنده أولى من المجاز المتعارف، وعندهما بالعكس وعلى هذا فيجب أن يكون الجواب عنده أولى من المجاز في المعينة وفي المنكرة على حد سواء، ويوافقه ما في (الكشف) أيضا معزيا إلى (التهذيب) من أن المسألة على ثلاثة أوجه: أحدهما أن يقول: هذه، من غير أن يقول حنطة فيحنث بأكلها سواء أكلها كذلك أو طحنها فأكل المطحون وخبزها فأكل الخبز، الثانية أن يقول: حنطة فيحنث بأكل الحنطة سواء أكلها نيا أو مطبوخا أو مبلولا أو مقليا ولا يحنث بأكل الدقيق والسويق والعجين والخبز، الثالثة أن يقول: هذه الحنطة وأشار إلى صبرة لا يحنث بأكله من دقيقها أو سويقها أو خبزها لقيد الاسم والله الموفق.
(وفي) حلفه لا يأكل من (هذا الدقيق يحنث بخبزه) وعصيده (لا بسفه) في الأصح لأن عينه غير مأكول فانصرفت يمينه إلى ما يتخذ منه، وفي (النوازل) لو اتخذ منه خبيصا أخاف أن يحنث وينبغي أن لا يتردد في حنثه إذا أكل منه ما سمي في ديارنا بالكسكس (والخبز ما اعتاده) أهل (بلده) حتى لو حلف المصري والشامي أنه لا يأكل خبزا انصرف إلى البر.
قال في (الفتح): وينبغي أن يحنث بأكل الكماج لأنه خبز وزيادة، وفي (الخانية) أنه يحنث بالرقاق انتهى، وينبغي أن يراد به المسمى في ديارنا بالبيساني لا ما هو يحشى بالسكر واللوز كما هو ظاهر وأما الشعير فإنه يعتاده بعض أهل القرى فيحنث به ولو أن بدويا اعتاده ودخل إلى بلدة المعتاد فيها أكل خبز الحنطة واستمر لا يأكل إلا الشعير كما أفتى به العلامة الكمال ولو كان الحالف زبيديا انصرف إلى الذرة والدخن، أو من طبرستان فإلى خبز الأرز وهي اسم آمل وأعمالها والنسبة إليها طبري لأنه أهلها كانوا يحاربون بالفأس أي: الطبر معرب قبر (والشواء والطبيخ) يقعان (على اللحم) أي: على ما يشوى منه ويطبخ فلو حلف لا يأكل شواء لا يحنث بأكل الجزر والباذنجان المشويين إلا أن ينوي كل ما يشوى، وكذا لو حلف لا يأكل طبيخا لا يحنث إلا بأكل اللحم المطبوخ بالماء لتعذر التعميم إذ الدواء مما يطبخ وكذا