إن لبست، أو أكلت أو شربت، ونوى معينا لم يصدق أصلا ولو زاد ثوابا، أو طعاما، أو شرابا دين لا يشرب من دجلة.
ــ
السحر لما كان من الثلث الأخير سمي ما يؤكل في النصف الثاني لقربه منه سحورا بفتح السين والأكل فيه سحور، ومن قال:(إن لبست) أو قال (إن أكلت أو شربت) فعبدي حر (ونوى) بذلك (معينا) بأن قال: نويت القطن أو الخبز أو اللبن (لم يصدق أصلا)، يعني لا قضاء ولا ديانة بل يحنث كل شيء لبسه أو أكله أو شربه لأن النية إنما تعمل في الملفوظ التعيين بعض محتملاته وما نواه غير مذكور فلم تصادف النية محلها فلغت، وعن الثاني أنها تصح، واختاره الخصاف لأنه مذكور تقديرا وإن لم يذكر تنصيصا، وأجيب بأن تقديره لضرورة اقتضاء الأكل مأكولا وكذا اللبس والشرب والمقتضى لا عموم له كذا قالوا: والتحقيق أن هذا ليس من المقتضى لأنه ما يقدر لتصحيح المنطوق بأن يكون الكلام كذا ظاهرا أو غير صحيح شرعا.
وقول القائل: لا آكل، خال عن ذلك نعم المفعول أعني المأكول من ضروريات وجوه فعل الأكل، ومثله ليس من المقتضى بل من حذف المفعول اقتصارا كذا في (الفتح) ومما يجانس هذا ما لو حلف لا يركب أو لا يغتسل أو لا ينكح أو لا يسكن دار فلان أو لا يتزوج امرأة ونوى الخيل ومن جناية امرأة معينة أو بالإجازة أو الإعارة أو لم تصح نيته أصلا، وأورد ما لو حلف لا يسكن فلانا ونوى المساكنة في بيت واحد وقال: إن خرجت فعبدي حر ونوى السفر مثلا صدق فيهما ديانة حتى لو خرج إلى غير السفر، أو ساكنه في دار لا يحنث مع أنهما غير مذكورين، وأجيب بأن المساكنة متنوعة إلى كاملة / وهي المساكنة في بيت واحد ومطلقه وهي ما يكون في دار [٢٨٧/أ] فإرادة الأول إرادة لأخص أنواعها، وكذا الخروج إلى سفر وغيره حتى اختلف أحكامها وللبحث فيه مجال.
(ولو زاد) على قوله إن لبست (ثوبا) أو على قوله إن أكلت (أو) شربت (طعاما أو شرابا دين) أي: صدق ديانة لأن لا نكرة في الشرط فيعم كالنفي، إلا أنه خلاف الظاهر فلا يصدق قضاء فيما إذا كانت اليمين بطلاق أو عتاق ولا تعلق للقضاء في اليمين بالله تعالى، وقالوا: النية للحالف في اليمين بالله تعالى إذا كان مظلوما وإن كان ظالما فالنية للمستحلف وفي الطلاق والعتاق النية للحالف فيكون فيه بكونه نوى معينا لأنه لو نوى الكل حتى لا يحنث أصلا صدق قضاء.
قال في (المحيط): حلف لا يأكل طعاما ولا يشرب شرابا وعنى جميع الأطعمة أو جميع مياه العالم صدق قضاء والمذكور في (الكشف الكبير) أنه يقع على الأدنى لأنه هو المتيقن به، فإن نوى الكل حتى لا يحنث أصلا صحت نيته فيما بينه وبين الله تعالى وهو الظاهر، لأن فيه تحقيقا على نفسه ولو حلف (لا يشرب من دجلة) أو