{فبشرهم بعذاب أليم}(آل عمران: ٢١٠) ودعوى المجاز مدفوع بمادة الاشتقاق، إذ لا شك أن الإخبار بما يخافه الإنسان يوجب تغير البشرة أيضا.
وقوله: ليس للمبشر به علم خرج الخبر وقد روي أنه عليه الصلاة والسلام (مر بابن مسعود وهو يقرأ القرآن فقال: من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد فابتدره أبو بكر وعمر بالبشارة فسبق أبو بكر فكان يقول بشرني أبو بكر وأخبرني عمر) ولو كتب إليه أحدهم كتابا بالبشارة عتق إلا إذا نوى المشافهة، وكذا لو أرسل إليه رسولا في البشارة والخير بخلاف الحديث فإنه لا يعتق إلا بالمشافهة كما في (الذخيرة).
ولو قال: من أخبرني أن فلانا قدم فكذا عتق بالكذب إلا إذا عدي بالماء بأن قال: من أخبرني بقدومه فإنه يشترط فيه الصدق لإفادتها صادق الخبر بنفس القدوم، وكذا لو قال: إن كتبت بقدوم بخلاف أن فلان قدم والإعلام كالبشارة كما في (البدائع) وحينئذ فلا فرق بين أن يذكر الباء أو لا، (وإن بشروه معا عتقوا) لتحققها من الكل قال تعالى: {فبشروه بغلام عليم}(الذاريات: ٢٨) أضاف البشارة إلى الكل وهذا لأن حقيقتها تتحقق بالأولية من فرد فأكثر (وصح شراء أبيه للكفارة) / لأنه [٢٩٠/ب] عليه الصلاة والسلام جعل شراءه إعتاقا بقوله: (لن يجزي ولده والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتق). رواه الجماعة إلا البخاري، أي: فيعتق هو عند ذلك الشراء إذ الفعل إذا عطف على آخر بالفاء كان الثاني ثابتا بالأول كسقاه فأرواه، وأطعمه فأشبعه قيد بالشراء لأنه لو ملكه بالإرث لم يعتق عن كفارته إذا نواه، لأنها نية متأخرة عن العتق بخلاف ما إذا وهب له أو أوصى إليه به أو تصدق به عليه فنوى عند القبول أن يعتق عن كفارته فإنه يصح لسبقها مختارا في السبب، كذا في (الفتح) تبعا للشارح، وكأنه في (البحر) لم يطلع على هذا فقال: لم أر ذلك صريحا وكلامهم يفيده غير أنه زاد مما لم يطلع عليه ما لو جعله مهرا ولا شك في صحة النية أيضا، وظاهر أن المراد بالأب أصله فيشمل الأم أيضا دلالة فكان الأليق بهذه المسألة مع ما بعدها.