الدنيا، وأما حديث البخاري وغيره (من أصاب من هذه المعاصي شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب منها شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه) فيجب حمله على ما إذا تاب في العقوبة لذوقه مسبب فعله جمعا بين الأدلة وتقييد النطق عند معارضة القطعي له متعينة بخلاف العكسي، كذا في (فتح القدير).
قال في (البحر): وقد يقال: لو عاد الاستثناء إلى عذاب الآخرة لم يبق لقوله: {من قبل أن تقدروا عليهم} فائدة إذ التوبة ترفع الذنب قبل القدرة عليهم وبعدها فالظاهر رجوعه إلى عذاب الدنيا لما سيأتي من أن حد قطاع الطريق يسقط بالتوبة قبل القدرة عليهم وإنما يبقى حق العباد انتهى.
وأقول: بالتحقيق إن الاستثناء راجع إلى عذاب الدنيا والآخرة حتى لو تاب قبل القدرة عليه بعدنا أخاف الطريق ولم يقتل ولم يأخذ شيئا سقط عنه حد الدنيا والعقاب في الآخرة، أما لو أخاف الطريق وتاب بعدما أخذ لا يسقط عنه حد الدنيا كما سيأتي، وبهذا ظهر فائدة التقييد بما قبل القدرة.
وقول الشارح: إن الاستثناء ينصرف إلى ما قبله من الجمل لاتحاد جنسها فيرتفع بالتوبة ورجع إلى ما يليه في آية القذف لمغيرتها لما قبلها فكانت فاصلة انتهى. ويزيد بارتفاع الكل المجموع لما قد علمته من أنه لو قتل أو أخذ المال وتاب لا يسقط عنه واحد منهما، سواء تاب قبل الأخذ أو بعده، (والزنا) بالقصر في لغة أهل الحجاز فيكتب بالياء أو بالمد في لغة أهل نجد فيكتب بالألف والنسبة إلى المقصور زنوي وإلى الممدود زناوي بدأ بالكلام عليه لأنه لصيانة النسل كما مر فكان راجعا إلى الموجود وهو الأصل، ولكثرة وقوع سببه مع قطيعته بخلاف السرقة فإنها لا تكثر كثرته والشرب وإن كثر فليس حده بتلك القطعية (وطء) عدل عنه في (العناية) فقال: هو قضاء المكلف شهوته قال: واختير لفظ القضاء إشارة إلى أن مجرد الإيلاج زنا، ولهذا يجب به الغسل انتهى.
وأنت خبير بأن الوطء فيه تلك الإشارة مستور (في قبل) بضم الباء وإسكانها آثر التعبير به عن الفرج لاختصاصه بالإنسان (خال عن ملك وشبهته) المراد بالملك هو ملك الواطئ وبالشبهة في المحل لا في الفعل/ على ما سيأتي وهو التعريف فهم [٢٩٨/ب] الشارح أنه للزنا الموجب للحد قال: ويشترط أن تكون المرأة مشتهاة والواطئ مكلفا