للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كان سكران ولو بنبيذ وشهد رجلان أو أقر مرة حد.

ــ

وأقول: يجوز أن يكون ذكر الخبر على معنى الشم أي وشم ريحها موجود كما قيل في قوله عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمن كمثل الأرجة طعمها طيب وريحها طيب) إلا أن في الحديث استعارة لا تخفى (أو كان) أي وجد المأخوذ حال كونه (سكران ولو) كان سكره (من نبيذ) محرم من الأنبذة الأربعة، كذا في (الشرح) وهذا قولهما وقال محمد: ما أسكر كثيره فقليله حرام وهو نجس أيضا.

قالوا: وبقول محمد نأخذ، وفي طلاق (البزازية) لو سكر من الأشربة المتخذة من الحبوب والعسل المختار في زماننا لزوم الحد انتهى. ولو حمل قول المصنف ولو من نبيذ على كل لكان أولى ولم يقل أخذ وريحها موجود اكتفاء بالسكر لاستلزامه ذلك (وشهد) عليه (رجلان) بالشرب بعد أن ثبت عند القاضي أن الريح قائمة حال الشهادة بأن شهدا به أيضا أو بالشرب فقط فيأمر القاضي باستنكاهه ليخبر بوجود الرائحة، فإن زالت لبعد المسافة فلا بد من شهادتهما بالشرب أن يقولا: إخذناه وريح الخمر موجودة، وفي غير الخمر لا بد أن يشهدا بأنه سكر من غيرها مع وجود رائحة ذلك المسكر.

قال في (الخانية): ثم يسألهم عن الخمر ما هي؟ وكيف شرب؟ ومتى شرب؟ وأين شرب لجواز أن يكون مكرها أو شهدا مع التقادم أو أنه شرب في دار الحرب فإذا بينوا ذلك حبسه حتى يسأن عن عدالتهم انتهى. واستغنى المؤلف عن السؤال عن الخمر وعن الزمان والمكان بقوله: أخذ وريحها موجود وصرح بكونه طائعا نعم يحتاج عن السؤال عن الزمان على قول محمد كما سيأتي، ولو اختلفا في الزمان أو شهد أحدهما أنه سكر من الخمر، والآخر أنه سكر من السكر لم يحد، كذا في (الظهيرية).

(أو أقر) بأنه شرب الخمر أو سكر (مرة) رد لقول الثاني من أنه لا بد من إقراره مرتين اعتبارا بالشهادة وفيه إيماء إلى أنه لو شهد أحدهما أنه شربه والآخر على إقراره بذلك لم يحد (حد) لقول ابن مسعود فيمن شرب الخمر: (ترتروه ومزمزوه ثم استنكهوه فإن وجدتم رائحة الخمر فاجلدوه). والتلتلة التحريك الشديد، والمزمزة التحريك بعنف، والاستنكاه طلب النكهة، كذا في (المستصفى) وقال عليه الصلاة والسلام في السكران: (إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدو ثم إن سكر فاضربوا عنقه بالسيف) رواه أحمد قال الترمذي: وقد كان القتل في أول الأمر ثم نسخ، وقالت الظاهرية: إنه يقتل في الرابعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>