لأنه حالة عدمه لم ينفه عن أبيه بدلالة الحال فليس من التخصيص في شيء إذ ليس قذفا وإنما يكون تخصيصا أن لو كان قذفا (وفي غيره) أي: الغضب (لا) أي: لا يحد لأن النفي حينئذ مجاز من نفي المشابهة في محاسن الأخلاق قيد النفي بما ذكر لأنه لو قال: لست لآدمي أو لإنسان لا يحد كقوله لست من أولاد فلان، واعلم أنه في (الهداية) قيد بالغضب في الثانية دون الأولى، وحمل الشارحون إطلاقه على التقييد.
قال في (البحر): وهو بعيد لما صرح به الحاكم في (الكافي) حيث قال: وإن قال لرجل: يا ولد الزنا أو يا ابن الزنا أو لست لأبيك وأمه حرة مسلمة فعليه الحد بلغنا عن عبد الله بن مسعود وذكر الأثر المتقدم فسوى بين الألفاظ الثلاثة، وقد صرح في (فتح القدير) بأنه في اللغظين الأولين لا يأتي التفضيل يعني بين الغضب والرضى بل يحد البتة فكذا، لو قال: لست لأبيك لأنهم صرحوا أنه بمعنى أن أمك زانية أو زنت ولا يراد به المعاتبة حالة الرضى لأنه لم يعين أبا مخحصوصا حتى ينفي أن يكون على خلافه، ثم أن يكون على خلافه، ثم رأيت التصريح بذلك في (الخانية) قال لرجل: لست لأبيك عن أبي يوسف أنه قذف كان ذلك في غضب أو رضا، ولو قال: ليس هذا أباك لابنه المعروف فإن كان في حالة الرضا أو على وجه الاستفهام لا يكون قذفا، وإن كان في غضب أو على وجه التعبير كان قذفا انتهى.
وأقول: ما جرى عليه شراح (الهداية) وأكثر المتأخرين من التقييد بالغضب هو المذهب لما قدمناه مع أنه مع الرضا ليس قذفا وكيف يحد بما ليس قذفا وبه يضعف ما عن الثاني وكأن هذه الرواية شاذة عنه، ولذا ذكر في وسط (المحيط) عنه أنه قذف في حالة الغضب دون الرضا وما في (الكافي) لا دلالة فيه لما ادعاه بوجه مع استدلاله في النفي بالأثر، وقد علمت أنه محمول / على حالة الغضب والفرق بينه [٣٠١/ب] وبين قوله يا ولد الزنا أظهر من الشمس وقت الضحى لأنه لا يحتمل غير القذف فاستوت الحالتان فيه بخلاف النفي ثم رأيته في (عقد الفوائد) قال: التفضيل هو ظاهر المذهب والاعتماد عيه دون ما يقع سواه مخالفا له.
وفي (التاتارخانية) عن أبي يوسف يا فرج الزنا يا بيض الزنا يا حمل الزنا يا سخل الزنا قذف يوصف الولد به ولو قال كبش الزنا لا يحد، وفي (الجوهرة) لو قال: لست ولد حلال كان قذفا، وفي (ابن وهبان) عن بعضهم قال: إمي ليست بزانية حال التخاصم حد لكن المسطور في (الخانية) استبا فقال أحدهما: لا أنا بزان ولا أمي بزانية لا حد عليه وذكره في موضع آخر، لو قال لغيره: إما أنا فلست بزان لا حد عليه عندنا (كنفيه) أي: لا يحد بنفيه، (عن جده) في حالة الغضب لأنه صادق في قوله