وتعزير الأوساط وهم السوقة بالجر والحبس وتعزير الأخسة بهذا كله وبالضرب انتهى. وهذا يقتضي عدم تفويضه إلى القاضي على معنى أنه ليس له أن يعزر بغير المناسب، والأول يقتضي أن له ذلك وينبغي أن لا يكون ما في (الشافي) على إطلاقه فإن من كان من أشراف الاشراف لو ضرب غيره فأدماه لا يكتفى في تعزيره بقول القاضي ما مر إذ لا ينزجر بذلك، وقد رأيت بعض القضاة من الإخوان من أدبه بالضرب بذلك وأرى أنه صواب.
واعلم أنه ينقسم إلى ما هو حق الله تعالى وحق للعبد، والأول يجب على الإمام ولا يحل له تركه إلا فيما علم أنه انزجر الفاعل قبل ذلك ثم إنه يتفرع لعيه أنه يجوز إثباته بمدع شهد به فيكون مدعيا شاهدا إذا كان مع آخر، وما في (الخانية) وغيرها لو كان المدعى عليه ذا مروءة وكان أول ما فعل يوعظ استحسانا فلا يعزر، فإن عاد وتكرر منه روي عن الإمام أنه يضرب يجب أن يكون في حقوق الله تعالىن فإن كان في حقوق العباد لا يتمكن القاضي فيها من إسقاط التعزير، كذا في (الفتح) ملخصا وفيه ويعزر من شهد شرب الشاربين، والمجتمعون على شبه الشرب وإن لم يشربوا، ومن معه ركوة خمر، والمفطر في نهار / رمضان يعزر ويحبس [٣١٠/ب] والمسلم يبيع الخمر أو يأكل الربا يعزر ويحبس، وكذا المغني والمخنث والنائحة يعزرون ويحبسون حتى يحدثوا توبة ثم قال: ويعزر من قبل أجنبية أو علقها أو مسها بشهوة انتهى.
ولم أر ما إذا وجد فيه رائحة الخمر وينبغي أن يعزر وهي حادثة الفتوى، وفي كراهة (الظهيرية) رجل يصلي ويضر الناس بيده ولسانه فلا بأس بإعلام السلطان به ليزجره، قال الشيخ الأخ في رسالة له: في هذا حسنة فقد أستفيد من هذا أن إعلام القاضي بذلك يكفي لتعزيره وهو من باب الإخبار فلا يحتاج إلى لفظ الشهادة ولا إلى مجلس القضاء، ونبه المصنف على ما هو حق العبد بقوله:(ومن قذف) ولو كان القاذف صبيا (مملوكا أو كافرا) حاصله قذف غير محصن (بالزنا أو) قذف (مسلما) أو ذميا كما في (الفتح)، وفي (القنية) قال ليهودي أو مجوسي: يا كافر يأثم إن شق عليه.
قال في (البحر): ومقتضاه أنه يعزر انتهى، وفيه نظر وسيأتي ما يرشد إليه (بيا فاسق) هذا أعني إطلاق القذف على الشتم مجاز شرعي وإن كان حقيقة لغوية إذ هو الرمي لغة ثم إنما يعزر بهذه الألفاظ إذا لم يكن المقول له متصفا بهن فإن كان لا يعزر لأنه صادق في الإخبار وعلى هذا قال في (الخانية): لو قال: لفاسق أو للص يا لص لا