للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ذا رحم محرم من المقطوع عليه أو قطع بعض القافلة على البعض أو قطع الطريق ليلاً أو نهاراً بمصر أو بين مصرين لم يحد فأقاد الولي أو عفا ومن خنق في المصر غير مرة قتل به.

ــ

يعني لا يحدون كلهم لأن الجناية واحدة فإذا لم يقطع فعل بعضهم موجباً كان فعل الباقين كبعض العلة، وكذا لو كان فيهم أخرس ودل كلامه أن المرأة تجري عليها أحكام قطاع الطريق وقد مر، (أو) كان بعض القطاع (ذا رحم محرم من المقطوع عليه) هذا إذا كان المال مشتركاً بين المقطوع عليهم أو لم يكن مشتركاً لكن لم يأخذه إلا من ذي الرحم، أما إذا أخذوا منه ومن غيره فقيل: إنهم يحدون نظراً للمال المأخوذ من ذلك الغير والأصح لا يحدون، (أو قطع بعض القافلة على/ بعض) لأن مال جميع القافلة في حق قطع الطريق كشيء واحد إذ هو محرز بحرز واحد وهو القافلة والجناية واحدة وهو قطع الطريق فالامتناع في البعض يوجب الامتناع في الباقين فصار كسارق متاع غيره وهو معه في دار واحدة.

(أو قطع) شخص (الطريق ليلاً أو نهاراً بمصر أو بين مصرين) يعني (لا يحد) لأن قطع الطريق لا يتحقق في هذه الأماكن للحوق الغوث بهم عادة، وعن أبي يوسف إن قصده بالسلاح نهاراً في المصر فهو قاطع وإن قصده بشيء من الخشب ونحوه فليس بقاطع، وفي الليل يكون قاطعاً مطلقاً واستحسن المشايخ هذه الرواية وأفتوا بها، وعنه إذا كان خارج المصر ولو بقرب منه يحد لأن الله تعالى أناط الحد بمحاربة عباد الله على ما مر وذلك يتحقق في المصر وخارجه ولم ينط بمسمى قطع الطريق وإنما هو اسم من الناس لم يحد جواب الكل (فأقاد الولي) أي: اقتص يعني ولي المقتول إن كان القتل عمداً بمحدد (أو عفا) إن شاء وإذا ثبت هذا في القصاص ففي المال أولى، (ومن خنق في المصر غير مرة) بالتشديد سماعاً لأن التفعيل للتكثير، كذا في (غاية البيان) وعلى هذا فقوله غير مرة تأكيد لكن في (الدراية) أنه بالتخفيف من خنقه إذا عصر حلقه خنقاً بكسر النون من حد دخل والخناق فاعله انتهى، وهو المشهور على الألسنة إذ التأكيد خلاف الأصل. وفي (المغرب) الخنق بكسر النون، قال الفارابي: ولا يقال بالتسكين مصدر خنقه إذا عصر حلقه والخناق فاعله والخناق بكسر الخاء وتخفيف النون ما يخنق به من حبل أو وتر أو نحوه، (قتل به) أي: بسبب الخنق يعني سياسة لأنه ساع في الأرض بالفساد وكل من كان كذلك فإن شره يدفع بالقتل.

قال الشارح: ومن السياسة ما يحكى عن أبي بكر الأعمش أن من ادعى عليه بسرقة فأنكر فللإمام إذا غلب ظنه أن المال عنده أن يعاقبه ويجوز له ذلك كما لو رآه الإمام جالساً مع الفساق في مجلس الشرب أو ماشياً مع السراق وبغلبة الظن أجازوا

<<  <  ج: ص:  >  >>