فإن مكث بعده سنة فهو ذمي فلم يترك أن يرجع إليهم كما لو وضع عليه الخراج.
ــ
كان له معاملات يحتاج إلى قضائها في مدة مديدة (فإن مكث سنة بعد القول فهو ذمي)، هذا ظاهر في توقف كونه ذميا على قول الإمام أو نائبه كما مر حتى لو أقام سنين من غير أن يقول له شيئا كان له أن يرجع وبه صرح العتابي في (فتاواه) وإليه أشار صاحب (الهداية) في التعليل، قال في (النهاية): ولفظ (المبسوط) يدل على أن تقدمه ليس بشرط إنما الشرط إقامته فيها سنة وفي (الفتح) والأول هو الأوجه.
قال في (الحواشي السعدية): ولعل فيه روايتين وبما في (المبسوط) جزم به في (الدرر والغرر) حيث قال: لو قال له: إن أقمت فينا مدة أو لم يقل لكنه أقام حولا كان ذميا وينبغي أن تظهر فائدة الخلاف في ابتداء المدة التي يصير بإقامتها ذميا فعلى الأول من وقت التقدم وعلى الثاني من وقت الدخول والقولان مذكوران في (السراج) ولا تؤخذ منه جزية في السنة التي أقامها إلا إن قال له: إن أقمتها أخذت منك الجزية فكذا في (الفتح) وفيه لو مات المستأمن في دارنا وله ورثة في دار الحرب وقف ماله لهم فإن قدموا فلا بد أن يقيموا بينه ولو من أهل الذمة فيأخذون المال بكفيل، قيل: هذا قولهما خلافا له، وقيل: هو قولهم جميعا ولا يقبل كتاب ملكهم ولو ثبت أنه كتاب (فلم يترك) أي: الحربي يعني لم يكن (أن يرجع إليهم) أي: إلى أهل الحرب ولو لتجارة أو قضاء حاجة كما هو مقتضى الإطلاق وهذا لأن عقد الذمة لا ينقض كيف وفيه مضرة على المسلمين وقطع الجزية عنهم وهذا يؤذن بمنع الذمي من الرجوع إلى دار الحرب (كما لو وضع عليه الخراج) أي: كما لا يمكن من العود فيما لو وضع عليه الخراج بأن ألزم به وأخذ منه عند حلول وقته وذلك بمباشرة سببه وهو زراعة الأرض أو التمكن منها إذا كانت في ملكه أو زراعتها بالإجارة إذا كان خراج مقاسمة لأنه يؤخذ منه لا من المالك، بخلاف ما إذا كان خراجها على مالكها فإنه لا يصير ذميا إذا دخل وقت الأخذ وكذلك إذا أخذ منه العشر على قول محمد، ولا يظن بوضع الخراج وتوظيفه أن يقول الإمام: وظفت على هذا الخراج ونحوه لأن الإمام قط لا يقول في كل قطعة أرض كذلك بل الخراج من حين استقر وظيفة للأراضي المعلومة استمر على كل من صارت إليه كذا في (الفتح).
وذكر الحدادي أنه لو أصاب الزرع آفة لا يصير ذميا وفي (التتارخانية) / لو [٣٢٩/أ] غصبت منه فإن زرعها الغاصب لا يصير ذميا وإلا فهو ذمي والصحيح أنه يصير ذميا في الوجهين وإن سقط الخراج عنه كما سيأتي، ولو استعارها من ذمي صار المستعير ذميا وفي قوله وضع دليل على أنه لا يصير ذميا بمجرد الشراء وهو ظاهر الرواية وهو الصحيح لأنه قد يكون للتجارة ثم إذا ألزمه خراج الأرض تلزمه الجزية لسنة مستقبلة،