العمل أو الترك لمن يعمل حتى لو لم يترك ينبغي أن لا يتردد في إثمه ولا سيما إذا كانت الخدمة مما يلزم بتركها تعطيل شعيرة من شعائر الإسلام كالأذان ونحوه فتدبره، إلا إذا كان شرط الولاية لنفسه وأما إذا لم يشترط فليس له ولاية بعد التسليم.
قال: وهذه المسألة بناء على أن عند محمد التسليم إلى المتولي شرط الوقف فلا يبقى له ولاية بعد التسليم إلا إن شرط الولاية لنفسه ذكره في (الفتح) وقال: أو لا وبنى على الخلاف أي: في اشتراط التسليم وعدمه ما ذكر من أن الواقف إذا شرط الولاية في عزل القيم والاستبدال لنفسه ولأولاده وأخرجه من يده وسلمه إلى متولٍ فهذا جائز نص عليه في (السير الكبير).
وفي (الإسعاف) ذكر هلال والناطفي في ذكر محمد في (السير) أن الواقف إذا وقف ضيعة له وأخرجها إلى القيم لا تكون له الولاية بعد ذلك إلا أن يشترط لنفسه انتهى، وهذا كما ترى صريح في أن اشتراطها صحيح بالإجماع وكون الولاية ولاية الملك بعيد جداً وبه عرف أن مسند المنع محمول على ما إذا لم يشترطها لنفسه فلا يصح الاستناد إليه وما ادعاه في قدح المشايخ كصاحب (النهاية)، وتبعه في (العناية) وفي (فتح القدير) وغاية الأمر أن المشايخ اختلفوا في تأويل ما نقل عن محمد والله الموفق.
وما في (الخلاصة) إذا شرط الواقف أن يكون هو المتولي فعند أبي يوسف الوقف والشرط صحيحان وعند محمد الوقف والشرط باطلان يوافق ما حكاه عن (الذخيرة) لكنه محمول على أنه رواية عن محمد، قيد باشتراطه لأنه لو لم يشترطها كان لو الولاية أيضاً عند أبي يوسف وهو ظاهر المذهب خلافاً لمحمد بناء على اشتراط التسليم (وينزع) المتولي (لو خائناً) أي: يجب على الحاكم نزعه إذا كان غير مأمون على الوقف وكذا لو كان عاجزاً نظراً للوقف وصرح بأن مما يخرج به الناظر ما إذا ظهر به فسق كشرب الخمر ونحوه كذا في (الفتح) وكأنه لأنه قد يصرف مال الوقف فيه فلم يكن مأموناً ونحوه كإن ظهر أنه زان وينبغي أنه لو كان يصرف ماله في الكيمياء أن يعزل أيضاً لما قلنا ومن خيانته امتناعه من العمارة كما في الخصاف ومنها بيعه للوقف بلا مسوغ وظاهر (الذخيرة) أنه لابد من هدم المشتري البناء حيث قال: فإن باع بعض الوقف لترميم الباقي فالبيع باطل فإن هدم المشتري البناء ينبغي للقاضي عزله لأنه صار خائناً والظاهر الإطلاق لما في (القنية) باع شيئاً منه أو رهنه فهو خيانة (كالوصي) أي: كما أنه ينزعه لو خائناً نظراً للصغار (وإن شرط) الواقف (أن لا ينزع) لأنه شرط مخالف لحكم الشرع فيبطله ولو كان الواقف نفسه قيد بكونه خائناً لأنه لا ينزع المأمون المشروط له النظر.