حقيقتها الدعاء كما جزم به الجوهري وغيره لأن الشائع في كلامهم قبل ورود الشرع بالأركان المخصوصة ومنه قول الأعشى أو لبيد:
تقول ابنتي وقد قربت مرتحلا ** يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي ** نوما فإن لجنب المرء مضطجعا
وقد قربت جملة حالية ومرتحلا: أي إلى القبر ومقول القول يا رب جنب أبي الأوصاب أي: الأمراض ومثل يروى بالرفع على الابتداء قيل: وبالنصب على الإغراء وأجاز بعض الفضلاء كونه معمولا لصلى محذوفا وادعى السهيلي أنه لا يصح أن يكون معناها الدعاء لأنه يستعمل في الخير والشر بل هي راجعة إلى معنى الحنو والانعطاف. وشرعا الأفعال المخصوصة واختلف الأصوليون في الألفاظ الدالة على معان شرعية كالصلاة والصوم أهي منقولة على معانيها اللغوية إلى حقائق شرعية أم مغيرة أي: يزاد عليها قيود شرعية؟ قيل: بالأول قال في الغاية: وهو الظاهر لوجودها بدون في الأمي وقيل: بالثاني وأنه إنما زيد على الدعاء باقي الأركان المخصوصة وأطلق الجزء على الكل وما في البحر من أنها منقولة لا لما في الغاية بل لأن الدعاء ليس من حقيقتها بناء على أنه خلاف القراءة فممنوع وفرضت في الإسراء ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان قبل الهجرة بسنة ونصف وسبب وجوبها أوقاتها بدليل تجدده بتجددها لكن لما يكن بينهما مناسبة ولا بد منها في السبب مع المسبب كان الوقت سببا ظاهريا والحقيقي إنما هو ترادف النعم والعامة على أنه الجزء الأول إن اتصل به الأداء وإلا انتقل إلى ما به يتصل فإن لم يؤد حتى خرج الوقت أضيف السبب إلى جميعه وبهذا اتجه وجه بدايته بالأوقات (وقت الفجر) سمي به لانفجار الظلام به وبدأ به لأنه لا خلاف في طرفيه ولأنه أول النهار وبدأ محمد في الجامع بالظهر قيل: لأنها أول صلاة فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أمته قال في البحر: وبهذا اندفع السؤال المشهور كيف ترك صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح صبيحة الإسراء بعد فرضها وأقول: هذا بعد الإجماع على أن الفرض كان في الإسراء ليلا فيه نظر ولهذا جزم السروجي بأن الفجر أول الخمس وجوبا ويحمل الأول على الكيفية أي: