(نهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المزابنة والمحاقلة) لأنها تؤدي إلى النزاع والمدافعة من الزبن وهو الرفع فكان فاسدًا لشبهة الربا، وما روي من أنه رخص في العشرية أن تؤخذ بمثل خرصها تمرًا، فنقل الطحاوي عن الإمام أنه قال: معنى ذلك عندنا أن يعري الرجل نخلة من نخله فلا يسلم ذلك له حتى يبدو له فرخص له أن يحبس ذلك ويعطيه مكانه فخرصه تمرًا.
قال الطحاوي: وهذا التأويل أسد مما قال مالك وقوله: أن يعري الرجل، أي: يهب وهذا بيع مجازًا لأنه لم يملكه فيكون برأ ومبتدأ، ومعنى الرخصة هو الخروج من أخلاق الوعد بإعطاء هذا التمر خرصًا وهو غير الموعود دفعًا للضرر عنه، ولو أريد أن هذا التأويل ينز عنه ما جاء في حديث زيد/ بن ثابت:(نهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع التمر بالتمر ورخص في العرايا) فإن السياق يدل على أن المراد البيع. وأجيب بأن القران في النظم لا يوجب القران في الحكمٍ والمحالقة، وهي بيع الحنطة في سنبلها بحنطة مثل كيلها خرصًا. (و) لم يجز أيضًا بيع (الملامسة) وهي أن يتساوما سلعة ويتفقان على أنه إذا لمسها المشتري فقد باعها منه.
(و) لم يجز أيضًا بيع (إلقاء الحجر) وهو أن يلقي حصاة وثمة أثواب فأي ثوب وقع عليه كان هو المبيع، ولا فرق بين كونه معينًا أو غير معين لكن لا بد أن يسبق تراضيهما على الثمن، وكذا المنابذة وهو أن ينبذ كل منهما ثوبه إلى الآخر ولم ينظر كل واحد منهما إلى ثوب صاحبه على جعل النبذ بيعًا وهذه بيوع تعارفها أهل الجاهلية، نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها لتعليق التمليك بالحظر لأنه بمنزلة أن يقول البائع للمشتري: أي ثوب لمسته بيدك وأي ثوب ألقيت عليه الحجر فقد بعته، وأن يقول المشتري: أي ثوب نبذته إلى فقد اشتريته.
(و) لم يجز أيضًا بيع (ثوب من ثوبين) أي: قيميين إذ بيع عبد من عبدين كذلك لجهالة المبيع إلا أن يقول على أنك بالخيار وتأخذ أيهما شئت فيجوز، ولم يقيد به إحالة على ما قدمه في خيار الشرط ولو قبضٍ أحدهما بإذن البائع وهلك ضمن قيمته. قال في (الدراية): ولو قبضهما وهلكا معًا ضمنا قيمة نصف كل واحد لأن أحدهما مضمون بالقيمة لأنه مقبوض بحكمٍ بيع فاسد، والآخر أمانة وليس أحدهما بأولى من الآخر، وكذا لو كان البيع صحيحًا ضمن ثمن كل واحد، والفاسد