الإذن إلا إذا قبض البائع الثمن وهو مما يملك به فإنه يكون إذناً بالقبض دلالة لأن البيع تسليط منه على القبض، فإذا قبضه قبل الافتراق ولم ينهه كان الحكم كالتسليط إلا أنه لضعفه عن إفادة حكمه تقيد بالمجلس، ولو أمر البائع أن يعمل فيه عملاً ينقصه أو لا كالقصارة والغسل بأجرة أو بغير أجرة فما كان ينقصه فهو قبض وما لا فلا، وللبائع الأجر في الوجهين هلك المبيع أو لا، كذا في (السراج).
ومن فروع المسألة ما لو كان براً فجعله البائع طعاماً بأمر المشتري صار قابضاً وعليه مثله، كما في (جامع الفصولين)(وكل من عوضيه مال) أي: متقوم لتحقق ركن البيع أعني مبادلة المال بالمال خرج به البيع بالمعية ونحوها، والبيع مع نفي الثمن في رواية فإنه باطل، وهذه الرواية جزم بها في (الهداية) وغيرها.
أما مع السكوت عنه ففاسد ويثبت الملك بالقبض موجباً للقيمة لأن مطلق البيع يقتضي المعاوضة فإذا سكت عن عوضه كان عوضه قيمته، وكأن باعه بقيمته فيفسد البيع وهذا القيد يعني قوله وكل إلى آخره مستغنى عنه بقوله في البيع الفاسد لأن فساده لا يوجد بدون هذا الشرط لا يقال: إنه يوجد بدونه في البيع المسكوت فيه عن الثمن لأن أحد العوضين القيمة كما قد علمت وهي مذكورة حكماً، وحاول في (البحر) الجواب بأن بعضهم أطلق على بيع الخمر ونحوه اسم الفاسد فربما توهم أنه يملك بالقبض فصرح بما يخرجه.
وأقول: هذا مما لا حاجة إليه بل الفاسد أعم على ما التزموه في أول الباب وحينئذ فلا بد من التصريح بهذا القيد لإخراج الباطل وهذا مما يجب أن يفهم من كلامهم في هذا المقام، ومن تأمل ما في (الهداية) وغيرها وجده كالتصريح به ثم رأيته في (الحواشي السعدية) قال في قول صاحب (الهداية) شرط أن يكون العوضان كل منهما مال ليتحقق ركن البيع يعني ليظهر تحققه فإن الفاسد قد يستعمل في المعنى العام للباطل أيضاً، وهذا طبق ما فهمته فتنبه له، وعلى هذا فقول الشر أن قوله في البيع الفاسد احترازاً عن الباطل مما لا ينبغي إذ الباطل إنما خرج بقوله وكل من عوضيه مال كما قد علمت (ملك المبيع) هذا قول البلخيين، وقال العراقيون: إنما يملك التصرف فيه فقط بحكم تسليط البائع لقول محمد إنما جاز بيعه لأن البائع سلطه على ذلك، ولذا لا يحل له أكله ولا وطء لأمة ولا يطيب له ريحه فإن فعل وجب العقر عليه بعد التوبيخ ولا شفعة للشفيع وجه الأول وهو الأصح. وفي (الفوائد) وهو المختار أن الأب أو الوصي لو باع للصغير عبداً بيعاً فاسداً فأعتقه المشتري فعند عتقه نفذ ولا يملكان الإعتاق ولا التسليط عليه، وقد نص محمد في