الحرية وفروعها لا يمنع صحة الدعوى، كذا في فروع (فتح القدير). وظاهر أن قوله وهي تدعي ذلك اتفاقي (والطلاق) حتى لو برهنت على الثلاث بعدما اختلعت قبل برهانها واستردت قبل الخلع لاستقلال الزوج بذلك بدون علمها، وكذلك لو قاسمت المرأة ورثت زوجها وقد أقروا بالزوجية كباراً ثم برهنوا أن زوجها كان طلقها في صحته ثلاثاً فإنهم يرجعون عليها بما أخذت، ومن هذا النوع استأجر داراً، ثم ادعى أن والده كان اشتراها له في صغره وبرهن قبلت، كذا في (العمادية) وغيرها. وفي (البزازية) ادعى شراء من أبيه فقل أن يزكي شهوده برهن على أن ورثها منه يقبل، وعلى العكس لا ولو ادعى عليه عيناً له وعليه قيمته ثم ادعى أن العين قائم في يده وعليه إحضاره يقبل، وكذلك على القلب لأنه مكان الخفاء فيعفى فيه التناقض.
(و) لا يمنع أيضاً دعوى (النسب) كما لو باع عبداً ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعى البائع الأول أنه ابنه تسمع دعواه ويبطل الشراء الأول والثاني لأن النسب ينبني على العلوق فيخفى عليه فيعذر في التناقض قاله العيني، وقدمنا أن التناقض كما يعفى في الفروع يعفى في الأصول أيضاً.
وأما من عداهم فإنهم لا يعفى فيه كالأخوة وقد صح عد ذلك البزازي في الدعوى حيث قال: ادعى على آخر أنه أخوه لأبويه، إن ادعى إرثاً أو نفقة وبرهن عليه يقبل ويكون قضاء على الغائب أيضاً حتى لو حضر الأب وأنكر لا يقبل ولا يحتاج إلى إعادة البينة لأنه يتوصل إليه إلا بإثبات الحق على الغائب، وإن لم يدع مالاً بل ادعى الأخوة المجردة لا يقبل لأن هذا في الحقيقة إثبات البنوة على أبي المدعى عليه والخصم فيه هو الأب لا الأخ، وكذا لو ادعى أنه ابن ابنه وأب ابنه والابن غائب أو ميت لا يصح ما لم يدع مالاً، فإن ادعى مالاً فالحكم على الحاضر والغائب جميعاً كما مر، بخلاف ما لو ادعى عليه أنه أبوه أو ابنه أو على امرأة أنها زوجته، أو ادعت عليه أنه زوجها أو ادعى العبد على عربي أنه مولى عتاقه أو ادعى عربي على آخر أنه معتقه، أو ادعت على رجل أنها أمته، أو كانت الدعوى بولاء الموالاة وأنكر المدعى عليه فبرهن المدعي على ما قال يقبل ادعى به حقاً أو لا، ألا ترى أنه لو أقر بأنه أبوه أو ابنه أو زوجته صح، أو بأنه أخوه لا لكونه حمل النسب على الغير انتهى، وإذا عرف هذا فدعوى نحو الأخوة من قبيل دعوى الملك لكونها لا تصح إلا في ضمن مال، وفيها معزياً إلى (الذخيرة) ادعاه مطلقاً فدفعه المدعى عليه بأنك كنت ادعيته قبل هذا مقيداً: وبرهن عليه فقال المدعي: ادعيته الآن بذلك السبب وتركت المطلق يقبل ويبطل الدفع انتهى، وبه عرف أن المتناقض لو قال: أبطلت أحد الكلامين يقبل