وما لا حمل له يوفيه حيث شاء وقبض رأس المال قبل الافتراق
ــ
مصراً جاز هذا إذا لم يبلغ نواحيه فرسخاً، فإن بلغته فلا بد من بيان ناحية منه، ولو شرط أن يوفيه إلى منزله جاز استحساناً.
ولو شرط الحمل إلى منزله قيل: يجوز وقيل: لا يجوز ولو مكاناً وشرط أن يحمله إلى منزله لا يجوز وفي (البزازية) شرط الإيفاء خاصة أو الحمل خاصة الإيفاء بعد الحمل جائز لا اشتراط الإيفاء بعد الإيفاء على قول عامة المشايخ كشرط أن يوفيه في محله كذا ثم يوفيه في منزله، ولو شرط الإيفاء أو الحمل لم يجز، وفي بعض الفرائد شرط الحمل بعد الحمل لا يصح لأن الحمل لا يوجب الملك لرب السلم فكما شرط الحمل ثانياً صار كشرطه مرة وكذلك الإيفاء بعد الحمل والإيفاء بعد الإيفاء، ولما شرط ذلك صار الإيفاء الأول منفسخاً.
وفي (الصحيح) اشترى طعاماً من جنسه واشترط أحدهما التوفية إلى منزله لم يجز بالإجماع كيف ما كان، ولو شرط أن يوفيه إلى مكان كذا فسلمه في غيره ودفع الكراء إلى الموضع المشروط صار قابضاً، ولا يجوز له أخذ الكراء، وإن شاء رده إليه ليسلمه إليه في المكان المشروط لأنه حقه، وفي (القنية) لقي رب السلم المسلم إليه بعد حلول الأجل في غير البلد الذي شرط الإيفاء فيه فله مطالبته بالمسلم فيه إن كانت قيمته في ذلك المكان بمثل قيمته في المكان المشروط أو دونه لأن شرط المكان في حق رب السلم دفعاً لمونة الحمل قال رضي الله تعالى عنه.
وأفتى بعض مفتي زماننا بأنه لا يتمكن من مطالبته لأن تعيين المكان حق المسلم إليه دفعاً لمونة الحمل وهذا الجواب أحب إلي، إلا في موضع الضرورة وهو أن يقيم المسلم إليه في بلد آخر فيعجز رب السلم عن استيفاء حقه ثم قال: هدانا الله تعالى إلى الرواية المنصوصة (وما لا حمل له) قد مر ما له بيان ما له حمل ومونة ومنه يعلم ما لم يكن له حمل ولا مونة وقيل: ما يمكن رفعه بيد واحدة كالمسك والزعفران يعني القليل منه وإلا فقد يسلم في أمنان من الزعفران كثيرة تبلغ أحمالاً لا (يوفيه حيث شاء)، نبه بذلك على أنه لا يشترط فيه بيان مكان الإيفاء وهذا الإجماع وعلى أن مكان العقد لا يتعين وقيل: يتعين والأول أصح، كذا في (الهداية) وصح في (المحيط) الثاني.
قال في (الفتح): ومعناه إذا كان مما يتأتى التسليم فيه وما لا يتأتى فيه ذلك بأن أسلمه درهماً في مركب من البحر أو جبل فإنه يجب في أقرب الأماكن التي يجب فيها منه، ولو عين مكاناً قيل: لا يتعين لأنه لا يفيد وقيل: يتعين لأنه يفيد سقوط خطر/ الطريق وهو الأصح (وقبض رأس المال قبل الافتراق) هذا ظاهر في أنه