فإن أسلم مائتي درهم في كر بر مائة ديناً عليه ومائة نقداً فالسلم في الدين باطل
ــ
وكون الدراهم منقدة فخاصان برأس المال، وأما بيان الأجل وقدره ومكان الإيفاء فيما لو حمل وإلا ينقطع وأن يكون مضبوطاً بالوصف أن يكون العقد باتاً وأن لا يشمل البدلين إحدى علتي الربا فمن شرائط المسلم فيه خاصة، كما في (الغاية) وإذا عرف هذا فقول صاحب (الهداية) وغير وجملة الشروط جعلوها في قولهم:
إعلام رأس المال وتعجيله .... وإعلام المسلم فيه وتأجيله
وبيان مكان الإيفاء والقدرة على تحصيله غير واف بحملتها إذ الإعلام في رأس المال والمسلم فيه وإن كان يعلم الجنس والنوع والصفة والقدر بالقدرة على تحصيله بأن لا يكون منقطعاً فهو اثنا عشر لكن بقي كما قد علمت كون رأس المال مما يتعين بالتعيين فلا يجوز بالنقود وأن لا يكون حيواناً وانعقاد رأس المال إذا كان نقداً عند الإمام وأن لا يشمل البدلين إحدى علتي الربا وعدم الخيار (فإن أسلم مائتي درهم في كر بر) تفريع على اشتراط قبض رأس المال، والكر بضم الكاف وتشديد الراء ستون قفيزاً وقيل: أربعون والقفيز ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف (مائة) نصب على الحال.
وقوله:(ديناً عليه) صفة كمائة (ومائة نقداً) أي: منقودة صفة لمائة الثانية قال العيني: ويجوز أن يكون بدلاً من مائتي، وفي عامة النسخ دين أي منها مائة دين ومنها مائة منقودة (فالسلم في الدين)، أي في حصة الدين (باطل) لافتراقهما عن دين بدين وليس المعنى أنه انعقد باطلاً في حصة الدين بل صحيح والمفسد طارئ عليه بافتراقهما فلم يسر الفساد إلى حصة المائة الثانية ولذا قلنا: لو نقد الكل قيل الافتراق صح والتقييد بإضافة العقد إليهما ليس احترازياً لأنه لو أضافه إلى مائتين مطلقاً ثم جعل المائة قصاصاً بما في ذمته من الدين فالحكم كذلك في الأصح قيد بكونها ديناً عليه له لا لو قال: والمائة التي لي على فلان فسد العقد في الكل وإن نقد الكل لاشتراط تسليم بعض الثمن على غير العاقد، ويكون الدين من جنس النقد لأنه لو أنقده عشرة/ دنانير والمائة التي له عليه فسد في الكل أيضاً لجهالة ما يخص حصة النقد عند الإمام خلافاً لهما بناء على مسألة إعلام رأس المال.
ومعنى قوله: مائة دينار أن يجعلها من رأس مال السلم حتى لو لم يجعلها من رأس مال السلم ففيه تفصيل نبه عليه في (البدائع) حيث قال: لو وجب على المسلم إليه دين مثل رأس المال، فإما أن يجب بالعقد أو بالقبض فإن كان الأول بأن كان له عليه عشرة ثمن ثوب لم يقبضها حتى أسلم إليه عشرة في كر فإن تراضيا بالقاصة صارت قصاصاً إلا أن أبى أحدهما، وإن كان الثاني كالغصب والقرض صار قصاصاً