تغرب الشمس ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولما كانت الكراهة لحق الفرض ليصير الوقت كالمشغول به لا لمعنى في الوقت لم يظهر ذلك في حق الفرائض ومقتضى الإطلاق كراهة التنفل بعد العصر المجموعة مع الظهر بعرفات قال العلامة الحلبي: ولم أقف عليه لأهل المذهب. أقول: هذا عجيب ففي فتح القدير ما لفظه: وذكر بعضهم لا يتنفل بعد صلاة الجمع بعرفة والمزدلفة وعزاه في المعراج إلى المجتبى وفي القنية لمجد الأئمة الترجاني وظهير الدين المرغيناني. لا يمنع (عن قضاء) فريضة (فائتة) ولو وترا قيد بذلك لأن قضاء ما أفسده من النفل في وقت مستحب غير صحيح وكذا سنة الفجر على الأصح (وسجدة تلاوة وصلاة جنازة) والأصل إنما يتوقف وجوبه على فعله كالمنذور وقضاء تطوع أفسده وركعتي الطواف وسجدتي السهو ونحوها لا يجوز وما لا يتوقف عليه كسجدة التلاوة وصلاة الجنازة يجوز كذا في المجتبى قال في البحر: واقتصر على الثلاثة ليفيد أن بقية الواجبات من الصلاة داخل في النفل كالذي أفسده منه والمنذور وركعتي الطواف لأن ما التزمه بالنذر نفل وظاهر كلامه أن القضاء لا يمنع بعد العصر ولو إلى الغروب.
وأقول: التحقيق أن يقال: لما كان التقييد بالتنفل يفهم الجواز فيما عداه وليس بالواقع نص على ما هو الجائز ليعلم عدم الجواز فيما عداه من غير النفل ولولا هذه النكتة لما احتيج إلى ما ذكر إذ التقييد بالتنفل يغني عنه وهذا دقيق جدا فتدبره إذ به يستغنى عن إخراج النفل عن معناه الشرعي لأنهم قد عرفوه بأنه فعل ليس بفرض ولا واجب ولا مسنون وكون ظاهر كلامه جواز قضاء العصر إلى الغروب ممنوع وأنى يتوهم ذلك مع ما قدمه من قوله إلا عصر يومه؟