الحسن الصحة ولو قال ذلك بعد موته صحت، كذا في (السراج) وينبغي أن يكون هذا على قول أبي يوسف لما مر وقيد بالوارث لأن المريض لو قال ذلك لأجنبي فضمن قيل: لا تصح إلا أن يقبل الطالب لأنه غير مطالب بقضاء دينه بلا التزام وقيل: يصح وينزل المريض منزلة الطالب.
قال في (الحواشي السعدية): فإن الوارث حيث كان مطالبًا بالدين في الجملة كان فيه شبهة الكفالة عن نفسه في الجملة فكان ينبغي أن لا يجوز كفالته، فإذا جازت كما مر من الوجهين فكفالة الأجنبي وهي سالمة عن هذا المانع أولى أن تصح وعن هذا قال في (الفتح) إن الصحة أوجه لأنها كفالة كما مر في (العناية) أو على أنه بطريق الوصية كما هو الوجه الآخر من الاستحسان، ولذا جاز مع جهالة المكفول له، وجواز ذلك في المريض للضرورة لا يستلزم الجواز من الصحيح لعدمها.
(و) لا تصح الكفالة أيضًا بدين (عن ميت مفلس) عند الإمام وقالا: تصح وبه قالت الثلاثة وأكثر أهل العلم لأنه كفل بدين صحيح ثابت في ذمة الأصيل وكل كفالة هذا شأنها فهي صحيحة اتفاقًا فهذه صحيحة، وكيف وقد قبلها عليه الصلاة والسلام لما جيء بجنازة مديون فلم يصل عليه؟ قال أبو قتادة: علي ما عليه يا رسول الله فصلى عليه، وله أن كفل بدن ساقط لأنه الفعل حقيقة أي المقصود منه إنما هو فعل الأداء وذلك يقتضي القدرة وهي معينة والدليل على أنه فعل أنه يقال دين واجب كالصلاة واجبة والوصي حقيقة إنما هو للأفعال فإن قلت: أجمعوا أنه لو تبرع به إنسان صح، ولو سقط بالموت لما حل لصاحبه الأخذ.
قلت: السقوط إنما هو بالنسبة إلى الميت لا المستحق وإذا كان باقيًا في حقه حتى له أن يأخذه، وحديث أبي قتادة يحتمل الإنشاء والإخبار والوعد، وإن كان مرجوحًا وجعل في (البحر) هذا المرجوح هو الظاهر إذ لا تصح الكفالة مع جهالة المكفول له ووقع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال سقط بها الاستدلال، وامتناعه من الصلاة عليه ليظهر طريق إيفائها لا بطريق الكفالة، وأورد على القول بالسقوط ما لو كان به كفيل أو رهن يبقى الدين على حاله، ولو سقط لزم براءة الكفيل وعدم بقاء الرهن.
وأجيب بأن ذمة الكفيل السابق كفالته خلف عن ذمته فلا تبطل ذمته بالموت ومثله الرهن قال في (الغاية): والحق بأن من قال بأن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة القول