وفي (الجامع الكبير) جعل المسألة مربعة إذ الكفالة إما مطلقة مثل كفلت بمالك على فلان، أو مقيدة بألف درهم وكل إما بالأمر أو بدونه، وقد علمت أن المقيدة إن كانت بالأمر كان القضاء بها عليهما وإلا فعلى الكفيل فقط، وأما المطلقة فإن القضاء بها عليهما سواء كانت بالأمر أو لا كان الطالب لا يتوصل بإثبات حقه على الكفيل إلا بعد إثباته على الأصيل وهذا لأن المذهب أن القضاء على الغائب لا يجوز قال مشايخنا: وهذا طريق من أراد إثبات الدين على الغائب من غير أن يكون بين الكفيل والغائب اتصال، وكذا إذا الطالب موت الشاهد يتواضع مع رجل ويدعي عليه مثل هذه الكفالة فيقر الرجل بالكفالة وينكر الدين فيقيم المدعي البينة على الدين فيقضي به على الأصيل والكفيل، وكذا الحوالة على هذا الوجه.
وذكر في (الفتح) فروعًا على من هذا النمط ثم قال: وهذا كله استحسان، استحسنه علماؤنا صيانة للحقوق انتهى. ولنا أن هذا البحث راجعه عند قوله: ولا يقضى على غائب فنستوفي الكلام فيه ثمة إن شاء تعالى (وكفالته بالدرك) وهو ضمان الثمن عند استحقاق المبيع كما مر (تسليم) أي: تصديق منه بأن المبيع ملك للبائع لأنها إن كانت مشروطة في الببيع فتمامه بقبول الكفيل فكأنه هو الموجب له فالدعوى به أو أنه في تواجره بعد ذلك سعى في نقض ما تم من جهته فلا تقبل، ولهذا تبطل شفعته لو كان شفيعًا وينبغي أن يكون الرهن كالإجارة، وإن لم تكن مشروطة فالمراد بها أحكام البيع وترغيب المشتري فينزل منزلة الإقرار بالملك له فكأنه قال: اشترها فإنها ملك البائع، فإن استحقت فأنا ضامن عنها.
واعلم أنه في بيوع (الخلاصة) في الفصل السابع من الاختلاف قال: من سعى في نقض ما تم من جهته لا يقبل منه إلا في موضعين، أحدهما، اشترى عبدًا أو نقض الثمن بعد القبض ثم ادعى أن البائع قبل ذلك باعه من فلان الغائب وبرهن عليه قبل برهانه، والثاني: وهبه أمته فاستولدها الموهوب له فبرهن الواهب أنه كان وهبها أو استولدها قبل ذلك قبل برهانه ورجع على الموهوب له بالجارية والعقر انتهى.
وذكر الشر ثالثًا في دعوى النسب: هو أن البائع لو ادعى أن المبيع معتق له أو أنها أم ولده لا يقبل قوله إلا إذا أقام البينة فيقبل، وعليه فالهبة ليست قيدًا أو قالوا: لو ادعى أن الأرض المبيعة منه وقف أنه وقفها وبرهن قبل برهانه فالمواضع أربعة (وشهادته) أي: الكفيل يعني كناية رسم شهادته في صك المبايعة (وختمه) فيه خوفًا من التزويد عليه (لا) أي: لا يكون تسليمًا لأن الشهادة ليست مشروطة في البيع ولا هي إقرار بالملك لأن البيع مرة يوجد من البائع وتارة من غيره، ولعله كتب