للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفاسق يصلح مفتيًا وقيل: لا،

ــ

لدفع الخوف من المدفوع إليه على نفسه وماله حلال للدافع حرام على الآخذ، وجعل في (الدراية) من هذا القسم ما يأخذه الشاعر، ويجوز المصانعة في أموال اليتامى وبه يفتى (والفاسق يصلح) أن يكون (مفتيًا) لأنه قد يتحرى الصواب حذرًا من النسبة إلى الخطأ (وقيل: لا) يصح لأن خبره غير مقبول في الديانات وإن قبل في المعاملات كما سيأتي. قال العيني: واختاره كثير من المتأخرين وجزم به في (المجمع) و (شرحه) وقال في (التحرير): الاتفاق على حل استفتاء من عرف من أهل العلم بالاجتهاد والعدالة أو رآه مفتيًا والناس يستفتونه معظمين، وعلى امتناعه إن ظن عدم أحدها فإن جهل اجتهاده دون عدالته فالمختار منع استفتائه بخلاف المجهول من غيره إذ الاتفاق على المنع انتهى.

تكميل: لا خلاف في اشتراط إسلام المفتي وعقله وشرط بعضهم تيقظه، نعم لا يشترط أن يكون حرًا ولا ذكرًا ولا ناطقًا فيصح إفتاء الأخرس حيث فهمت إشارته بل الناطق إن قيل له: أيجوز هذا؟ فحرك رأسه أن نعم جاز أن يعمل بإشارته وينبغي أن يكون منتزهًا عن خوارم المروءة فقيه النفس سليم الذهن حسن التصرف، والأصح أن الإفتاء غير مكروه لمن كان أهلًا وعلى ولي الأمر أن يبحث عمن صلح للفتوى ويمنع من لا يصلح ونقل عن بعض الشافعية أنه إن لم يكن غير تعين عليه وإلا فرض كفاية، وسئل محمد بن الحسن متى يحل للرجل أن يفتي؟ قال: إذا كان صوابه أكثر من خطئه، وفي (منية المفتي) يجب أن يكون المفتي حليمًا دينًا لين القول منبسط الوجه وينبغي له أن يقدم أولًا من جاه أو لا ولا يقدم الشريف على الوضيع، وإذا أجاب ينبغي أن يكتب عقب جوابه والله أعلم، ونحوه وقيل في المسائل التي اجتمع عليها أهل السنة يكتب والله الموفق أو بالله التوفيق، ولا ينبغي له أن يحتج للفتوى إذا لم يسأل عنه، وإذا أخطأ رجع ولا يستحي ولا يأنف ثم الفتوى مطلقًا بقول الإمام ثم بقول أبي يوسف، ثم بقول محمد، ثم بقول زفر بقول الحسن بن زياد وقيل: إن كان الإمام في جانب وصاحباه في جانب فالمفتي بالخيار وإلا فبالأصح إذا لم يكن مجتهدًا انتهى. وفي (الحاوي القدسي) أن العبرة بقوة المدرك وما في (المنية) أضبط والله أعلم.

تتمة: اشتقاق الفتوى من الفتى لأنها جواب في حادثة أو حوادث حكم أو تقوية لبيان مشكل وعرفها الشيخ اللقاني المالكي بأنها الإخبار عن الحكم على غير وجه الإلزام قيل: احترز بالقيد الأخير عن القضاء وفيه نظر، إذ القضاء إنشاء فلا يصدق ما قبل هذا القيد عليه بل إنه يلاحظ فيما ينبئ عنه المفتي من الحدوث

<<  <  ج: ص:  >  >>