للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرط الأولوية، والمفتى ينبغي أن يكون هكذا

ــ

لغة بذل المجهود والطاقة في تحصيل ذي كلفة وعرفًا ذلك من الفقيه في تحصيل حكم شرعي ونفى الحاجة إلى قيد الفقه للتلازم بينه وبين الاجتهاد سهو، ثم هو تعريف بفرع من الاجتهاد لأن ما في العقليات اجتهاد غير أن المصيب واحد والمخطئ آثم والأحسن تعميمه بحذف ظني، كذا في (التحرير) قال في (التلويح): ومعنى بذل الطاقة أنه يحس من نفسه العجز عن المزيد عليه وشرطه الإسلام والعقل والبلوغ وكونه فقيه النفس أي شديد الفهم بالطبع وعلمه باللغة العربية وكونه حاويًا لكتاب الله تعالى مما يتعلق بالأحكام وعالمًا بالحديث متنًا وسندًا وناسخًا بالقياس، وهذه الشرائط إنما هي في حق المجتهد المطلق التي يفتى في جميع الأحكام، وأما المجتهد في حكم دون حكم فعليه معرفة ما يتعلق بذلك الحكم مثلًا الاجتهاد في حكم متعلق بالصلاة لا يتوقف على معرفة جميع ما يتعلق بالنكاح انتهى. وزاد المص هنا الاجتهاد بالمعنى الأول (شرط الأولوية) لتعذر وجوده في كل حين، على أنه يجوز خلو الزمن عنه عند الأكثر وح فتصح تولية الجاهل لأن إيصال الحق إلى مستحقه يحصل بالعمل بفتوى غيره قيل: المراد به المقلد بدليل جعل الاجتهاد شرط الأولوية غير أن الدليل لا يناسبه إذ المحتاج إلى فتوى غيره هو من لا يقدر على أخذ المسائل من كتب الفقه وضبط أقوال الفقهاء، كذا في (الحواشي اليعقوبية) وعلى ذلك القيل جرى ابن الغرس فقال: ليس مرادهم بالجاهل العامي المحض بل لابد من تأويل العلم والفهم وأقله أن يحسن بعض الحوادث والمسائل الدقيقة، وأن يعرف طريق تحصيل الأحكام الشرعية من كتب المذهب وصدور المشايخ وكيفية الإيراد والإصدار في الوقائع والدعاوى والحجج ويدل على ذلك قولهم: العالم إذا تعين للقضاء وجب عليه قبوله وإذا تركه أثم، وما لم يتعين فالقبول أفضل وإذا كان الجاهل أهلًا للقضاء فمتى يتعين.

وأقول: وجود الجاهل لا يمنع من تعينه وذلك أنه إذا لم يوجد غيره ولم يقبل أثم، وإن وجد جاهل تصح توليته نعم قال البزازي في الأيمان: المفتي يفتي بالديانة والقاضي يقضي بالظاهر دل هذا على أن الجاهل لا يمكنه القضاء بالفتوى أيضًا فلابد من كون الحاكم في الدماء والفروج عالمًا دينًا كالكبريت وابن الكبريت الأحمر وأين العلم انتهى.

(والمفتي ينبغي أن يكون كذلك) أي: موثوقًا به في علمه وأمانته إلى آخره وإن مجتهدًا. قال في (الفتح): واعلم أن ما ذكر في القاضي ذكر في المفتي إلا المجتهد، وقد استقر رأي الأصوليين على أن المفتي هو المجتهد فمن يحفظ أقوال المجتهدين

<<  <  ج: ص:  >  >>