للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويجوز تقلد القضاء من السلطان العادل والجائر

ــ

السؤال الشيء باللسان لا يكون غالبًا إلا عن طلب القلب له فلهذا اقتصر المص على السؤال، وهذا أولى مما في (الينابيع) من أن الطلب أن يقول للإمام: ولني والسؤال أن يقول للنافي، لو ولاني أجبته وكل ذلك يكره انتهى. إذ السؤال على هذا الوجه مما لا إثما فيه وكما لا يجوز الطلب لا يجوز التولية ولذا قال في (الخلاصة) وغيرها: لأن طالب الولاية لا يولى لا فرق في ذلك بين القضاء والتولية على الوقف والوصاية إلا إذا تعين عليه القضاء فإن الطلب يكون واجبًا حينئذ قال في (الدراية): واستحبت الشافعية طلبه لحامل الذكر لنشر العلم انتهى. وهكذا ذكر المالكية وعبارة مختصر وندب ليشهر علمه وينبغي أن يخص من تولية الوقف ما إذا عزل منه وادعى أن العزل من القاضي الأول بغير جنحة، فإن له طلب العود من القاضي الجديد وحين ذلك يقول له القاضي: أثبت أنك أهل الولاية، ثم يوليه نص عليه الخصاف، وأن تكون التولية مشروطة له فإذا طلبها في هذه الحالة فإنما طاب تنفيذ الشرط.

(ويجوز تقلد القضاء من السلطان العادل) هذا ظاهر في اختصاص تولية القضاء بالسلطان ونحوه، كالخليفة حتى لو اجتمع أهل بلدة على تولية واحد القضاء لم يصح بخلاف ما لو ولوا سلطانا بعد موت سلطانهم، كما في (البزازية) وقال أبو يوسف: للإمام الذي ولاه السلطان ناحية وجعله له خراجها وأطلق له التصرف في الرعية ما يقتضيه الأمارة أن يقلد ويعزل ويشترط فيه التكليف من العقل والبلوغ، ومن ثم قال البزازي: لو مات السلطان فاتفقت الرعية على تولية صغير له ينبغي أن يفوض أمر التقليد إلى وال ويعد نفسه تبعًا لابن السلطان، فإذا بلغ يحتاج إلى تقليد جديد وفي النصراني والعبد إذا استؤمر روايتان، كذا في (البزازية) وفي (شرح مسكين) قبيل الصرف لابد أن يكون الإمام مكلفًا حرًا مسلمًا عدلًا مجتهدًا ذا رأي وكفاية سميعًا بصيرًا ناطقًا وأن يكون من قريش، فإن لم يوجد فمن العجم وتنعقد بيعته بأهل الحل والعقد من العلماء المجتهدين والرؤساء انتهى. والعادل كما قال الكرماني هو الواضع كل شيء في موضعه وقيل: هو المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط سواء كان في العقائد أو في الأعمال أو في الأخلاق، وقيل: هو الجامع بين أمهات كآلات الإنسان الثلاث وهي الحكمة والشجاعة والفقه التي هي أوساط القوى الثلاث/.

أعني القوى العقلية والغضبية والشهوانية وقيل: المطيع لأحكامه تعالى المراعي لأمور الشرعية (و) من السلطان (الجائر) أي: الظالم لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم تقلدوه من معاوية في نوبة علي، قال في (الفتح): وهذا تصريح يجوز والمراد في خروجه لا في أقضيته، ثم إن ما يتم إذا ثبت أنه ولي القضاء قبل تسليم الحسن له.

<<  <  ج: ص:  >  >>