للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا ثبت الحق للمدعي أمره بدفع ما عليه

ــ

كما قالوا: موضع خشن لا فراش فيه ولا غطاء وهذا يفيد أن المحبوس لو جيء له به لا يمكن منه، كما لا يمكن من الدخول عليه للاستئناس إلا أقاربه وجيرانه لكن لا يمكثون طويلًا فإذا احتاج للجماع دخلت عليه زوجته أو أمته إن كان فيه وضع سترة وفيه دليل على أن زوجته لا تحبس معه لو كانت هي الحابسة له وهو الظاهر ولا يخرج لجمعة ولا جماعة ولا لحج فرض ولا لحضور جنازة وقيل: يخرج بالكفيل لجنازة الأصول والفروع وفي غيرهم لا، وفي (الخلاصة) و (النهاية) وعليه الفتوى.

قال في (الفتح): وفيه نظر لأنها إبطال حق آدمي بلا موجب وموت الأب ونحوه غير مبطل بنفسه، ثم إذا لم يكن له من يقوم بحقوق دفنه فعل ذلك، وسئل محمد عما إذا مات والده أيخرج؟ فقال: لا انتهى. قال في (البحر): وقد يدفع بأن ما قاله محمد في المديون أصالة والكلام في الكفيل انتهى.

وأقول: هذا سهو وذلك أنه نقل في (الخلاصة) يخرج بالكفيل فسقطت الباء في نسخته، ولو مرض ولم يجد من يخدمه أخرج بكفيل وإلا لا، وفي (الخانية) لو كان له ديون أخرج ليخاصم ثم يحبس، وفي (الخلاصة) الأصح منعه من الكسب ولا يغل ولا يقيد إلا إذا خيف فراره، وفي (البزازية) أن يحول إلى سجن اللصوص ولا يضرب إلا إذا ظاهر وامتنع من التكفير أو أبى الإنفاق على قريبه، صرحوا بذلك في البابين وإلى يؤجر في البابين خلافًا لما عن أبي يوسف، ولو طلب المدعي الحبس في غير سجن القاضي، ففي (القنية) ثبت له دين على بنته وأمر بحبسها فطلب من القاضي حبسها في غير السجن حيث لا يضيع عرضه يجيبه القاضي إلى ذلك، وكذا في كل مدعٍ مع المدعى عليه انتهى. وهذا هو مستند ما أجابه قارئ (الهداية) وقد سئل إذا أراد الحاكم حبس الغريم في مدرسة أو مكان غير الحبس هل له ذلك؟ فقال: العبرة في ذلك لصاحب الحق لا للقاضي انتهى. وينبغي أن لا يجاب فيما إذا طلب حبسه في مكان اللصوص أو في المكان المسمى في ديارنا بالعرقانة ويحبس في الدرهم وما دونه، أي الفضة.

(وإذا ثبت الحق للمدعي) ببينة أو إقرار أو نكول عند القاضي (أمره بدفع ما عليه) ينبغي أن يقيد هذا بما إذا لم يتمكن القاضي من أداء ما عليه بنفسه، كما إذا ادعى عينًا في يد غيره أو وديعة له عنده وبرهن أنها هي التي في يده أو دينًا له عليه وبرهن على ذلك فوجد معه ما هو من جنس حقه كان للقاضي أن يأخذ العين منه وما هو من جنس حقه ويدفعه إلى المالك غير محتاج إلى أمره بدفع ما عليه وقد قالوا: إن رب الدين إذا ظفر بجنس حقه له أن يأخذه وإن لم به المديون فالقاضي أولى، واعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>