للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا في غيره إن ادعى الفقر إلا أن يثبت غريمه غناه

ــ

يحبس في هذه المواضع إن ادعى الفقر (لا) يحبسه (في غيره) أي: في غير ما ذكر من الديون (إن ادعى الفقر) كبدل عتق نصيب الثاني وبدل المغصوب ونفقة المزوجات وأرش الجنايات وبدل جناية العمد ومؤجل المهر بعد الدخول وبدل المتلفات وبدل الخلع.

قال الطرسوسي: وأخطأ صاحب (الاختيار) إذا جعل بدل الخلع من القسم الأول ثم ما جرى عليه المصنف تبعًا للقدوري قال الإمام قاضي خان: إن عليه الفتوى، كذا في (أنفع الوسائل) معزيًا إلى (الفتاوى الكبرى) للخاصي وهذا ليس في فتواه وإنما الذي فيها أن كل ما هو بدل كثمن البيع وبدل القرض لا يقبل قوله فيه، ويقبل قوله فيما عداه وعليه الفتوى انتهى، وهذا اختيار البلخي.

وقيل: يحكم البزي بكسر الزاي أي الهيئة والجمع أزياء، كذا في (القاموس) إلا الفقهاء والعلوية والعباسية، واختاره البلخي، وفي (فروق الكرابيسي) وهو الصحيح، وجعله في (المحيط) ظاهر الرواية فإن ادعى الطالب أنه كان عليه زي الأغنياء ولكن غير زيه، فإن برهن على ذلك قبل منه وإلا لا، واختار الخصاف أن القول قول مدعي الإعسار لتمسكه بالأصل وقيل: ما كان أصله الصلة فالقول فيه قول المدعي وإلا فالقول للمنكر فهذه أقوال ستة، وما في (الكتاب) أعدلها. ولو قال المديون: إن هذا الدين ليس بدل ما ليس بمال، وقال الدائن: بل هو ثمن متاع قال الطرسوسي: لم أرها وينبغي أن يكون القول فيها قول المديون إلا أن يقيم رب الدين بينة (إلا أن يثبت رب الدين غناه) أي: قدرته على وفاء الدين، وفي (البزازية) لو وجد المديون من يقرضه فلم يفعل فهو ظالم وفي كراهة (القنية) لو كان للمديون حرفة تفضي إلى قضي الدين فامتنع منها لا يعذر انتهى.

وكل من الفرعين ينبغي تخريجه على ما يقبل فيه قوله، فإذا ادعى في المهر المؤجل مثلًا أنه معسر ووجد من يقرضه أو كان له حرفة توفيه فلم يفعل حبسه الحاكم، وهذا لأن الحبس إنما هو جزاء الظلم وقد ثبت ظلمه بوجود من يقرضه، وأما ما لا يقبل فيه قوله فظلمه فيه ثابت قبل وجود من يقرضه وهذا فقه حسن فتدبره. ومن نفقات (البزازية) وإن لم يكن لها بينة على يساره وطلب من القاضي أن يسأل من جيرانه لا يجب عليه السؤال، وإن سأل كان حسنًا وإن قالا: سمعنا أنه موسر أو بلغنا ذلك لا يقبله القاضي، وفيها علم القاضي عسرته لكن له مال على آخر يتاقضى غريمه، فإن حبس غريمه الموسر لا يحبسه انتهى. وقياس ما مر أنه لو لم يتقاض الدين من غريمه يحبسه، وإن علم عسرته لقدرته على وفاء الدين وهذا لأنه إذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>