للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا في دين ولده إلا إذا أبى من الإنفاق عليه.

ــ

في ذلك فيفرض عليه دراهم بقدر حالهما، وإذا امتنع من أن يفرض شيئًا حبس حتى يفرض انتهى. وهو مشكل فإن للقاضي ذلك فيفرض ولا يحبسه.

(لا) حبس الأب (في دين ولده) لأنه لا يستحق العقوبة بسببه، ألا ترى أن لا قصاص عليه بقتله ولا يقتل مورثه ولا حد عليه بقذفه ولا يقذف أمه الميتة بطلبه؟ والمراد بالأب أصله وإن علا، وبالولد فرعه وإن سفل ولذا قال في (المحيط): لا يحبس الأبوان والجدان والجدتان بدين الولد انتهى، وهو ظاهر في أن الجد الفاسد لا يحبس أيضًا ويدل عليهم قولهم: إنه لا يقتل بقتل ولد بنته.

قال في (البحر): وإذا لم يحبس وكان موسرًا ينبغي أن القاضي يقضيه من ماله إذا كان له مال من جنسه وإلا باعه لقضائه انتهى، وهذا أعني البيع بقولهما أليق كما مر. وبقي العبد لا يحبس بدين مولاه ولا المولى بدين عبده إلا إذا كان مأذونًا مديونًا فيحبس للغرماء لا له، وكذا المكاتب لا يحبس بدين بدل الكتابة، واختلفوا في حبسه بدين آخر وهو ظاهر المذهب أنه يحبس واختار بعض المشايخ أنه لا يحبس لأنه متمكن من إسقاطه بتعجيزه وصححه في (المبسوط) وعليه الفتوى، كما في (أنفع الوسائل) ولا المولى بدين المكاتب إن كان الدين من جنس بدل الكتابة لوقوع المقاصة وقالوا: لا يحبس الصبي أيضًا بدين الاستهلاك إلا تأديبًا فإن كان له أب أو وصي وامتنع من قضاء دينه من ماله حبس، وإلا باع القاضي ماله ووفى دينه، كذا في (الخلاصة) وغيرها.

قال الطرسوسي: ويؤخذ من هذا ليس للقاضي ولا نائبه بيع عقاره ولا ماله مع وجودهما لأنه لو كان له ذلك لأمر بالبيع قبل الحبس، قال ابن وهبان: وهو فائدة حسنة، وكذا لا تحبس العاقلة في دية أو أرش إذا كان لهم عطاء وإنما يؤخذ منه لقضاء ديونهم فإن لم يكن لهم عطاء حبسوا، كذا في (البزازية) وقدمنا أن القاضي لا يحبس المديون إذا كان له مال غائب أو مديون موسر (إلا إذا أبى من الإنفاق عليه) لأنه بمنعها عنه قصدًا هلاكه فيحبس لدفع الهلاك عنه، ألا ترى أن له أن يدفعه بالقتل إذا أشهر سيفه ولم يمكنه دفعه إلا به؟ وهذا حكم الأجداد والجدات وإن علوا/.

واعلم أن هذا الاستثناء منقطع لما قالوه. ومن أن هذا الحبس ليس إلا تعزيرًا لا حبسًا بالدين وقيد الرازي الولد بالصغير زاد الحدادي الفقير ويجب أن لا يكون البالغ كذلك والله الموفق للصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>