للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيرًا وسطًا ثلاثة أيام في بر، أو بحر، أو جبل، قصر الفرض الرباعي

ــ

الريح وهو في السفينة ونوى السفر يتم صلاة المقيم عند أبي يوسف خلافًا لمحمد. (سيرًا وسطًا ثلاثة أيام). قال الشارح: وسطًا صفة لمصدر محذوف العامل فيه السير المذكور، لأنه مقدر بأن والفعل تقديره مريدًا؛ أن يسير سيرًا وسطًا في ثلاثة أيام، ومراد التقدير لا أن يسير فيها سيرًا وسطًا، ولا أن يريد بذلك السير، انتهى. أو دعاه إلى ذلك أنه ليس في الكلام ما يعمل في ثلاثة؛ إذ لا يصح أن يكون العامل مريدًا؛ لأنه/ حينئذ يكون مفعولاً به، والمعنى إنما هو على الظرفية ولا سيرًا لأن المصدر إذا وصف لا يعمل فتعين ما قال، لكن قال العيني: إن هذا التكلف مستغنى عنه بأن يكون سيرًا مفعول مريدًا ووسطًا، وثلاثة أيام صفتان له، أي: كائنًا في ثلاثة أيام، لأنه لا ترخص إلا إذا أراد السير الوسط المقدر بثلاثة أيام، وأراد بالوسط سير الإبل، ومشي الأقدام، وكون الرياح معتدلة في البحر، حتى لو أسرع يريده فقطع ما يقطع بالسير المعتاد في ثلاثة في أقل منها قصر، والتقدير بثلاثة أيام هو ظاهر المذهب، وهو الصحيح، وعامة مشايخنا قدره بالفراسخ، ثم اختلفوا فقيل: يعتبر أحد عشر فرسخًا، وقيل: خمسة عشر، والفتوى على ثمانية عشر، كذا في (الدراية)، فهو على التقدير بالأيام، فيعتبر كونها من أقصر أيام السنة، ولم يقل ولياليها كما في (الجامع الصغير)؛ لأن ذكر الأيام يستتبع ما بإزائها من الليالي.

وقوله في (الينابيع): المراد بالأيام النهار؛ لأن الليل للاستراحة، فلا يعتبر لا يريد به أنه لا يعتبر قصده كما قد توهم، بل لا يعتبر السير فيه، وقد أفصح عن ذلك ما في (المحيط) وغيره من أن المسافر لا بد له من النزول لاستراحة نفسه ودابته فلا يشترط أن يسافر من الفجر إلى الفجر، لأن الدابة لا تطيق ذلك فالآدمي أولى، فالتحقت مدة الاستراحة بمدة السفر ضرورة؛ إذ لو لم يشترط قصدها لما احتيج إلى إلحاقها، واختلف في اشتراط استغراق النهار بالسير، والأصح عدمه حتى لو بكر في اليوم الأول ومشى إلى الزوال، ثم في الثاني والثالث كذلك قصر وهذا أيضًا يؤيد ما قلنا، فتدبر.

(في بر أو بحر أو جبل) واقعًا ذلك السير في ما ذكر، وفصله إيماء إلى أن الثلاثة أيام تعتبر في كلٍّ على حدة، فيعتبر في البحر أيضًا ثلاثة أيام معتدلة الأرباح، وكذا في الجبل ثلاثة أيام أيضًا.

(قصر لفرض الرباعي) هذا أعني تسميته قصرًا مجاز لما أن فرض المسافر ركعتان حتى لا يجوز له الإتمام، ولو قال: صلى الفرض الرباعي ركعتين لكان أولى، قيد بالفرض لأنه لا قصر في الوتر والسنن، كذا في (البحر). وهذا يومئ إلى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>