فلا صلاة، ولا كلام، ويجب السعي إليها وترك البيع بالأذان الأول
ــ
والتعبير بالخروج جرى على عادة العرب من اتخاذهم للإمام مكانًا يخرج منه إذا أراد الصعود تعظيمًا لشأنه والقاطع في ديارنا هو قيام الإمام للصعود، وهذا أولى من قوله في (السراج) إلى الخطبة كما لا يخفى (فلا صلاة) جائزة نفلاًَ وقدمنا أنه لو خرج وهو يصلي السنة القبلية يكملها على الأصح، أما الفرض فإن كان فائتة والترتيب لم يسقط فتجوز لأنه مضطر إليها لصحة الجمعة وإلا لا، (ولا كلام) جائز أيضًا يريد به ما سوى التسبيح وقيل: بل كل كلام والأول أصح كذا في (العناية) وغيرها.
قال في (البحر): (ويجب) حمله على ما قبل الخطبة أما وقتها فيكره تحريمًا، ولو كان أمرًا بالمعروف أو تسبيحًا أو غيره كما صرح به في (الخلاصة).
وأقول: لم أجد ذكر التسبيح في (الخلاصة) وإنما عبارته ما يحرم في الصلاة يحرم في الخطبة حتى لا ينبغي له أن يأكل ويشرب والإمام في الخطبة، ويحرم الكلام وسواء كان أمرًا بالمعروف أو كلامًا آخر نعم في (البدائع) يكره الكلام حال الخطبة، وكذا قراءة القرآن، وكذا الصلاة، وكذا كل ما شغل عن سماع الخطبة من التسبيح والتهليل والكتابة ونحوها، بل يجب عليه أن يستمع ويسكت وهذا قول الإمام، وقالا: لا بأس به إذا خرج قبل أن يخطب وإذا نزل قبل أن يكبر وإذا جلس عند الثاني قيل الخلاف في إجابة المؤذن أما غيره فيكره إجماعًا، وقيل: في كل كلام يتعلق بالآخرة، أما المتعلق بالدنيا فيكره إجماعًا، وشمل كلامه الخطيب أيضًا إلا أن يتكلم بما يشبه الأمر بالمعروف ولا كلام في كراهة تشميت العاطس ورد السلام، والصحيح أنه يحمد الله تعالى في نفسه لأنه لا يشغله كذا في (البدائع)، وفي (المجتبى) الاستماع إلى خطبة النكاح والختم وسائر الخطب واجب والأصح وجوب الاستماع إلى الخطبة من أولها إلى آخرها، وإن كان فيها ذكر الولاة، انتهى.
ووجب (السعي إليها) أي: لزم (وترك البيع) أراد به كل عمل ينافيه وخصه اتباعًا للآية، فظاهر كلامه منعه أيضًا، ولو مع السعي إلا أنه في السراج جزم بعدم كراهته إذا لم يشغله وينبغي التعويل على الأول، وقد قال في (المضمرات): إنه في المسجد أعظم وزرًا (بالأذان الأول) الواقع بعد الزوال رواه الحسن عن الإمام، لأنه لو اعتبر الثاني لفاتته السنة وسماع الخطبة وربما فاتته الجمعة إذا كان بيته بعيدًا واعتبر بعضهم الثاني لأنه الذي كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم - والشيخين بعده.
قال البخاري: فلما كثر الناس في زمن عثمان زادوا النداء على الزورا موضع بسوق المدينة، وفي (البدائع) هي منارة أو حجر كبير وجزم المصنف بالأول لأنه الأصح، وفي (المعراج) أكثر فقهاء الأمصار على الثاني، قال العتابي: وهو المختار