للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدين، وحاجته الأصلية

ــ

نذر مائة مطلقة لزمته فإذا تصدق بها لزمه أن يتصدق بمثل ما وقع عن الزكاة كذا في (الدراية) ولو كان له نصب صرف (الدين) إلى أيسرها قضاء حتى لو كان له دراهم ودنانير وعروض تجارة وسوائم صرفه إلى الدراهم والدنانير أولاً فإن فضل الدين فإلى العروض فإن فضل السوائم فإن كانت أجناساً صرفه إلى أقلها ولو له أربعون شاة وخمس من الإبل خير، قيد بالزكاة لأن الدين لا يمنع وجوب العشر والخراج وكذا التكفير على الأصح بخلاف صدقة الفطر، (و) عن (حاجته الأصلية) فسرها ابن الملك بما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقاً أو تقديراً فالثاني كالدين والأول كالنفقة ودور السكنى وآلات الحرث والثياب المحتاج إليها لدفع الحر والبرد وآلات الحرفة وأثاث المنزل ودواب الركوب وكتب العلم لأهلها فإن كانت له دراهم يصرفها إلى تلك الحوائج صارت كالمعدومة انتهى.

وفيه بحث من وجوه الأول أن تفسير الحوائج بما ذكر يقتضي أن ذكر الفراغ عن الدين مستدرك أو أنه عطف العام على الخاص وبالجملة فالاقتصار على التحقيق هو التحقيق الثاني أن تقييد كتب العلم بالأهل وإن وقع في (الهداية) إلا أنه غير مفيد لأنها وإن كانت لغير أهلها وهي تساوي نصاباً لا تجب الزكاة فيها إلا أن يكون أعدها للتجارة وإنما يفترق الحال بين الأهل وغيرهم أن الأهل إذا كانوا محتاجين لها للتدريس ونحوه لا يخرجون بها عن الفقر وإن ساوت نصباً فلهم أن يأخذوا الزكاة إلا أن يفضل عن حاجتهم نسخ تساوي نصاباً كإن كان عنده من كل صنف نسختان وقيل ثلاث والمختار الأول بخلاف غير الأهل فإنهم يحرمون بها أخذ الزكاة إذ الحرمان تعلق بملك قدر نصاب غير محتاج إليه وإن لم يكن نامياً وإنما النماء يوجب عليه الزكاة والمراد كتب الفقه والحديث والتفسير أما كتب الطب والنحو والنجوم فمعتبرة في المنع مطلقاً كذا في (الفتح) تبعاً (للنهاية) و (العناية) و (الدراية).

وأجاب في (البحر) بأن كلامهم في بيان ما هو من الحوائج الأصلية ولا شك أن الكتب لغير الأهل ليست منها فهو مفيد وأقول: هذا غير سديد إذ الكلام في شرائط وجوب الزكاة التي منها الفراغ عن الحوائج الأصلية ومقتضى القيد وجوبها على غير الأهل لما أنها ليست من الحوائج الأصلية في قهم وليس بالواقع لفقد شرط آخر هو نية التجارة فالأهل وغير الأهل في نفي الوجوب سواء والثالث أن نفي وجوبها فيما إذا كان له دراهم مستحقة للصرف إلى تلك الحوائج مخالف لما في (الدراية) و (البدائع) تجب الزكاة في النقد كيف ما أمسكه للنماء أو للنفقة واعلم أن المراد بآلات الحرف ما لا يستهلك عينه في الانتفاع كالقدوم والمبرد أو يستهلك لكن لا

<<  <  ج: ص:  >  >>