للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكره ذوق الشيء ومضعه بلا عذر، ومضغ العلك

ــ

(وكره) للصائم (ذوق شيء و) كذا يكره له (مضغة) لما فيه من تعريض اليوم للإفساد قال في (العناية): بسبب التسبب لأن الجاذبة قوية فلا يأمن أن يجذب منه شيئًا إلى الباطن قال بعض المتأخرين: وهذا وهم بل التعريض بطريق المباشرة لا بطريق التسبب انتهى. ويمكن أن يعلق الجار بالإفساد (بلا عذر) قيد فيهما وجعله الشارح قيدًا في الثاني فقط والأول أولى فمن العذر في الأول ما لو كان زوجها أو سيدها سيء الخلق فذاقت المرقة وليس منه ذوق نحو العسل ليعرف الجيد أو الرديء منه عند الشراء كما في (الفتح) وفي (المحيط) يجوز أن يقال: إنه لا بأس به/ كيلا يغبن وعبارته في (المجتبي) يكره ذوق العسل والدهن عند الشراء لمعرفة جودته كما للمرأة ذوق المرقة وقيل: لا بأس به إذا لم يجد بدًا من شرائه ويخاف الغبن انتهى.

وينبغي حمل الأول على ما إذا وجد بد والثاني على ما إذا لم يجده وقد خشي الغبن هذا كله في الفرض أما النفل فلا لأنه يباح الفطر فيه بالعذر اتفاقًا ولا عذر في رواية الحسن والثاني فالذوق أولى بعدم الكراهة لأنه ليس بإفطار بل يحتمل أني صير إياه قال ابن المال: وفيه نظر إذ لا دلالة فيما ذكر على عدم كراهة تعريض الصوم للفساد لأن الإفطار بعذر أو بغيره ينجبر بالقضاء ولا جابر للتعريض وأقول: منع الدلالة مطلقًا فيه نظر لأن الفطر حيث جاز بلا عذر على رواية الحسن فلا وجه لكراهة الذوق إذ غاية ما يفضي إليه الإفساد وتعمده جائز فيما أفضى إليه أولى نعم الإشكال على ظاهر المذهب متجه لأن الفطر لا يجوز إلا من عذر فما أفضى إليه بلا عذر أولى نعم يمكن أن يقال: إنما يكره في النفل وكره في الفرض إظهارًا لتفاوت المرتبتين ومن العذر في الثاني أن لا تجد من يمضغ لبيها من حائض أو نفساء أو غيرهما ممن لا يصوم ولم تجد طبيخًا ولا لبنًا حليبًا.

(و) كره أيضًا (مضغ العلك) لما مر ولأنه يتهم بالإفطار أطلقه تبعًا لمحمد في (الجامع الصغير) وحمله المشايخ على الأبيض الممضوغ أو الأسود أما غير الممضوغ مطلقًا فيفطر بالقطع بأن عدم الإفطار معلل بعدم الوصول فإذا فرض في بعض العلك معرفة الوصول عادة وجب الحكم فيه بالفساد لأنه كالمتيقن قال فخر الإسلام: وفي عموم كلام محمد إشارة إلى أنه لا يكره لغير الصائم إلا أنه يستبح للرجال تركه إلا من عذر كبخر في فيه كذا في (البحر) وفي (الدراية) ويكره للرجال إلا في الخلوة بعذر قال في (الفتح): وهو الأولى لأن الدليل وهو التشبيه بالنساء يقتضيها خاليًا عن المعارض أما النساء فيستحب فعله لهن لأنه سواكهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>