ثم وصف المني بقوله (ذي) أي صاحب (دفق) يقال دفق الماء دفقا صبه صبا فيه دفق (وشهوة) وماء دافق ذو دفق على طريقة النسب كذا في (المغرب) أو من مجاز الإسناد وقال ابن عطية يصح أن يكون الماء دافقا لأن بعضه يدفق بعضا أي يدفعه فمنه دافق ومنه مدفوق وذكر في (ضياء الحلوم) من مصادره الدفوق أيضا يتعدى ولا يتعدى وذي شهوة فخرج ما لو نزل بحمل شيء ثقيل لكنه لا يشمل مني المرأة إذ لا دفق معه , اعلم أن الثاني يشترط الشهوة (عند انفصاله) من رأس الذكر فثمة دفق وهما إنما شرطاها عند الانفصال من الظهر فلا يشترط الدفق وبه عرف أن كلامه لا يصح أن يكون على قولهما كما هو ظاهر ولا على قول الثاني بقوله عند انفصاله أي من الظهر فكان حذف الدفق أول.
قال في (البحر) ويمكن أن يقال انه بمعنى المدفوق مصدر اللازم انتهى. أي الذي هو بمعنى الخروج وأنت خبير بأنه مستفاد من قوله عن مني أي عند خروجه فلا حاجة حينئذ لذكره واختار في (العناية) أن قوله عند انفصاله أي من رأس الذكر فذكر مسألة اجماعية غاية الأمر انه ترك بعض موجبات الغسل عندهما والأمر فيه أسهل مما يرد عليه أن قوله وشهوة حينئذ مما لا حاجة إليه لاستلزام الدفق إياها.
وأقول إذا كان الماء يصح أن يكون دافقا كما مر عن ابن عطية فجائز أن يكون هذا عن انفصاله من الظهر إذ لا خفاء انه في هذه الحالة يدفق بعضه بعضا وهذا المعنى هو الملائم لكلامه لكني لم أر من عرج عليه واثر الخلاف يظهر فيما لو احتلم أو نظر بشهوة فامسك ذكره حتى سكنت شهوته ثم أرسله فأنزل وجب عندهما لا عنده وكذا لو خرج منه بقية المني بعد الغسل قبل النوم أو البول أو المشي الكثير.