للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا تنقص، فغذا لبيت ناويًا فقد أحرمت، فاتق الرفث،

ــ

في (السراج) وعن ابن عمر كان يقول: لبيك وسعديك والخير بيدك والرغباء إليك وهي مندوبة كما قال الحلبي والظاهر أن المراد مطلقها المشتملة على الثناء لا بقيد كونها مأثورة (ولا تنقص) منها شيئًا لأنه هو المنقول عنه عليه السلام باتفاق الروايات كذا في (الهداية) ومن ثم حكى ابن الملك الاتفاق على أن النقص مكروه وظاهر قول المصنف في (الكافي) أن لا يجوز أنها تحكيمية قال في (البحث): وفيه نظر ظاهر لأن التلبية سنة فإذا تركها أصلا ارتكب كراهة التنزيه فالنقص أولى وأقول: فيه نظر ففي (الفتح) التلبية مرة شوط والقيادة سنة قال في (المحيط): حتى يلزمه الإساءة بتركها ثم قال: إن رفع الصوت بها سنة وإن تركه مسيئا انتهى. فالنقص بالإساءة أولى.

واعلم أن دعوى كون النقص لم يقع في رواية معارض بما في لا البخاري ما عن عائشة: (إني لأعلم كيف كان رسول الله- صلي الله عليه وسلم- يلبي) ولم يذكر الملك وشريك لك. (فإذا لبيت) حال كونك (ناويًا فقد أحرمت) هذا الشرط غير معتبر المفهوم لأن ظاهر المذهب أنه يصير محرما بكل ثناء وتسبيح ولو كان يحسن التلبية حتى بالفارسية وإن كان يحسن العربية والفرق بينه وبين الصلاة على قولهما سعة باب الحج دونها بدليل أن غير الذكر أقيم مقامه كتقليد البدنة وسموق الهدي ثم إن هذه العبارة لا يستفاد منها إلا أنه يصير محرمًا عند النية والتلبية أما أن الإحرام بهما أو بأحدهما بشرط ذكر الآخر فلا وذكر الشهيد أنه يصيب شارعًا بالنية ولكن عند التلبية لأمنها كشروعه في الصلاة فإنه بالنية لكن عند التكبير لا به كذا في (الفتح (تبعا للشارح وبه اندفع ما قد يتوهم من ظاهر كلام المصنف أنه يصير شارعًا بالتلبية بشرط النية مع أن المحكي عن الشهيد عكسه كما مر، ومن ثم غير بعض المتأخرين العبارة فقال: إذا نوى ملبيًا فقد أحرم لأن الأصل في انعقاد الإحرام أو النية وأنت خبير بأن إذا كان المفاد إنما هو صيرورته لم محورا عندهما فالعبارتان على حد سمراء، فاتق الفاء فصيحة أي: إذا أحرمت (فاتق الرفث) لقوله تعالى: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: ١٩٧]، جيء بالنهي على صورة النفي مبالغة والرفث الجماع ومنه: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} [البقرة: ١٨٧] أو الكلام الفاحش لأنه من دواعيه أو ذكر الجماع بحضرة النساء فإن لم يكن لم يكره وعليه ابن عباس وذلك أنه أنشد وهو محرم:

وهن يمشين بنسا هميسا ... إن يصدق الطير ننك لميسا

فقيل له: أترفث وأنت محرم فقال: إنما الرفث بحضور النساء ضميرهن يعود

<<  <  ج: ص:  >  >>