ثم أقم بمكة حرامًا لأنك محرم بالحج، فطف بالبيت كلما بدا لك،
ــ
الحديث وبأنه يلزم على قوله أن تكون الأشواط أربعة عشر وقد اتفقت روايات نسكه عليه السلام بأنه إنما طاف سبعًا، وأجيب عن الأول بأنه على الاحتمال الأول لا شك أن المروة ورجوعه عنها إلى حال سبيله وعلى الثاني يصح أن يقال عند رجوعه من المروة وهذا آخر طوافه بالمروة وإن احتاج إلى رجوعه إلى الصفا ليتمم الشوط، وعن الثاني بأنه إنما يتم بناء على أن يقول: هذا اعتباركم لا اعتبار الشرع وأقل الأمور إذا لم يثبت عن الشارع تنصيص في مسماه أن يثبت احتمال أنه كما قلتم وكما قلته، وقد رأينا إطلاق الشوط في الطواف على ما مر من المبدأ إلى المبدأ شرعا فوجب أن يحتمل عليه إطلاقه في السعي كذا في (الفتح)، وأنت خبير بأنه على قوله تكون الأشواط أربعة، فقط والظاهر أن الاحتمال الأول أقوى إذ الثاني يتوقف على ثبوت أنه عليه الصلاة والسلام عاد عند اختتامه باروه إلى الصف ولم ينقل، وأحسن ما يستدل به لقول العامة أن مسمى الشوط لغة يصدق على كل من الذهاب من الصفا إلى المروة والرجوع منها إلى الصفا لأنه في الأصل مسافة يعدوها الفرس ونحوه جمرة واحدة فسبعة أشواط قطع مسافة مقدرة سبع مرات فإذا قال: بين كذا وكذا طبعا صدق بالتردد من كل جانب من الغايتين إلى الأخرى سبعة بخلاف طاف بكذا فإن حقيقته متوقفة على أن يشتمل بالطواف ذلك الشيء فإذا قال: طاف به سبعا كان بتكرير تعميمه بالطواف سبعًا فمن هنا افترق الحال بين الطواف بالبيت والسعي والله الموفق.
تتميم: يندب له إذا فرغ من السعي أن يدخل المسجد فيصلي ركعتين لأنه- صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك رواه أحمد ولأن ختم السعي كختم الطواف (ثم) بعد ذلك (أقم بمكة حرامًا) أي: محرمك (لأنك تحرم بالحج) فلا تتحلل قبل الإتيان بأفعاله وفيه إيماء إلى أنه لا يجوز له أن يفسخ الحج بالعملة وأما أمره محليه الصلاة والسلام بذلك أصحابه إلا من ساق الهدي فمخصوص بهم ومنسوخ، (وطف بالبيت كلما بدا) أي: ظهر (لك) لأنه كما جاء في السنة وهو خير موضوع وكذا الطواف إلا أن صلاة التطوع للمكي أفضل منه بخلاف الغريب لأن المكي لا يفوته الأمران فعند