ولا إحصار بعدما وقف بعرفة، ومن منع بمكة عن الركنين فهو محصر وإلا لا.
ــ
ضرورة وفي (السراج) أنه يتأتى على قولهما أيضاً بأن أحصر بعرفة وأمرهم بالذبح قبل طلوع الفجر يوم النحر أقول: الإحصار قبيل الفجر بحيث يدرك الحج دون الهدي لأن الذبح بمنى، واعترضه في (البحر) بما سيأتي من أنه لا إحصار بعرفة فلو قال: بمكان قريب من عرفة لاستقام وأقول: هذا الاعتراض منشؤه التحريض وما في (السراج) إنما هو لو أحصر بعرنة بالنون وكيف يصح أن يكون بحيث يدرك الحج.
قال في (المحيط): ولو زال الإحصار وحدث آخر فنوى أنه يكون الهدي للأول عن الثاني جاز، وإن لم ينو حتى نحر لم يجز وكذا لو بعث جزاء صيد أو قلد بدنة تطوع وأوجبها ثم أحصر فنوى أن/ يكون ذلك عن الإحصار جاز، (ولا إحصار)[١٥٧/ ١] يتحقق شرعاً (بعد) ما (وقف بعرفة) لوقوع الأمن من الفوات وأورد أن هذا القدر ثابت في العمرة مع تحقق الإحصار بها وأجيب بأن الأمن في الحج بتحقق الفعل بخلافه في العمرة لأنه لو لم يتحلل للزمة الضرر بامتداد الإحرام فوق ما التزمه بخلاف المحصر بالحج لتمكنه من التحلل بالحلق يوم النحر في حق غير النساء ثم إن دام الإحصار لزمه دم لترك كل واجب بعد من الوقوف بالمزدلفة ورمي الجمار وكذا التأخير بالحلق والطواف عند الإمام خلافًا لهما، قال في (البحر): وقدمنا عن (البدائع) وغيرها أن واجب الحج يسقط بالعذر حتى لو ترك الوقوف يعني بالمزدلفة خوف الزحام لا شيء عليه، وكذا لا شيء على الحائض بترك طواف الصدر، ولا شك أن الإحصار عذر قال: وقد ظهر لي أن كلامهم في الإحصار بالعدو أما بالمرض فهو عذر سماوي فيكون مسقطاً، ونظيره ما مر في التيمم، هذا واختلف في تحلله في مكانه قيل: لا يفعل لوقوع الحلق في غير الحرم ولو أخره وقع في غير زمانه لكن تأخره عن الزمان أهون منه عن المكان ويدل عليه قوله في (الأصل): هو حرام حتى يطوف طواف الزيارة، وقيل: يفعل ويدل عليه قوله في (الجامع الصغير): وهو محرم عن النساء حتى يطوف طواف الزيارة قال العتابي: وهو الأظهر وكأنه لإمكان حمل الإطلاق في (الأصل) على هذا التقييد والله الموفق.
(ومن منع بمكة عن الركنين) يعني الوقوف والطواف قال العيني: لم يقل: أحصر لأن الإحصار لا يتحقق بمكة عندنا خلافاً للثلاثة وأقول: هذا يرده قوله: (فهو محصر) وما ادعاه رواية مرجوحة وإن قال في (المحيط): إنه ظاهر الرواية والأصح ما في (الهداية) وغيرها من تحقق الإحصار فيها عند الكل حيث كان عن الركنين (وإلا) أي: وإن لم يمنع عنهما بل قدر على أحدهما (لا) أي: لا يكون محصراً أما إذا قدر على الوقوف فلما مر وأما على الطواف فلأن فائت الحج يتحلل به والدم بدل عنه فيه فلا حاجة إلى الهدي والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.