أقبله قبولاً مقيداً في العرف بكونه ثانياً من أي جانب كان، فما قيل الإيجاب صدر الصيغة الصالحة لتلك الإفادة خلاف الواقع من العرف المشهور مع أنه غير مانع لصدقة على القبول وبهذا عرف أنه لا يتصور تقديم القبول على الإيجاب فقول من قال: لو قدم القبول على الإيجاب بأن قال: تزوجت ابنتك فقال: زوجتها أي: ينعقد النكاح كما في (البحر) ينعقد ممنوع كونه من تقديم الإيجاب (وضعا) نبه بذلك على أن القبول لا يكون بالفعل فلو قال عند شاهدين: تزوجتك بألف فلم تقل شيئاً حتى أعطاها المهر في المجلس لا ينعقد وما أجاب به صاحب (البداية) من أنه ينعقد أنكره صاحب (المحيط) للمضي قيل: لأن الوضع لم يضع للإنشاء لفظاً خاصاً وإنما عرف بالشرع والماضي أدل على التحقق والثبوت، وقيل: إن هذا الصيغ أي: تزوجت وطلقت وأعتقت وبعت واشتريت وضعت لغة للإنشاء والإخبار لأن ذلك كان معروفاً في الجاهلية لتحقق الحاجة إليه لأن لهم أنكحة معتبرة قال عليه الصلاة والسلام: (ولدت من نكاح لا من سفاح) فقره الشرع كذا في (الدراية) أو وضع (للمضي) والآخرة لغيره مستقبلاً كالأمر.
(أو) حالاً كالمضارع بناء على أنه موضوع له، أما الأول فكما إذا قال: زوجيني نفسك أو كوني امرأتي فقالت: زوجتك أو قبلت أو بالسمع والطاعة كما في (النوادر) وجزم به البزازي وادعى في (شرح الدرر) أن ما زعمه المصنف من أن الأمر إيجاب مخالف للكتب، بل هو توكيل كما في (الهداية) وهو مردود لوجهين الأول أن ما في (الكتاب) ليس نصاً في أنه إيجاب أن كون (أحدهما) للماضي يصدق بكون الثاني للحال، الثاني سلمناه لكن لا نسلم أنه مخالف لكلامهم كيف وقد صرح في (الخلاصة) و (الخانية) بأنه إيجاب وعبارته في (الخانية) ولفظة الأمر في النكاح إيجاب وكذا في الخلع والطلاق والكفالة والهبة قال في (الفتح): وهو أحسن لأن الإيجاب ليس إلا اللفظ/ المفيد تحقق المعنى أو لا، وهو صادق على لفظة الأمر فليكن إيجاباً مستغن عما أورد من أنه لو كان توكيلاً لما اقتصر على المجلس، وجوابه بأنه في ضمن الأمر بالفعل فيكون قبوله تحصيل الفعل في المجلس، ثم قال: والظاهر أنه لابد من اعتباره توكيلاً وإلا بقي طلب الفرق بين النكاح والبيع حيث لا يتم بقوله بعنيه بكذا فيقول: بعت بلا جواب قال في (البحر): إنه يرد على كونه إيجاباً ما في (الخلاصة) لو قال الوكيل بالنكاح: هب ابنتك لفلان فقال الأب: وهبت لا ينعقد النكاح ما لم يقل الوكيل بعده قبلت معللاً بأن الوكيل لا يملك التوكيل انتهى.