وهبت قيد في حلها له لإفادة عدم حلها لغيره، لأن هذا الحكم لا يخصها ولأن الهبة سبب لملك المتعة وإطلاق السبب وإرادة المسبب من طرق المجاز، واعلم أن الألفاظ التي ينعقد بهما النكاح نوعان صريح وكناية فالصريح لفظ النكاح والتزويج ما عداهما وهو ما يفيد ملك العين في الحال كناية كذا في (المبسوط) وغيره، ومن ثم أورد كيف يصح بهذه الألفاظ مع اشتراط الشهادة فيه والكناية لابد فيها من النية ولا اطلاع للشهود عليها وأجيب بأنها ليست بشرط مع ذكر المهر قال السرخسي: ولأن كلامنا فيما إذا صرحا به ولم يبق احتمال، وعلى هذا قالوا: لو طلب الزنا من امرأة فقالت: أجرت نفسي منك قيل: ينعقد وقيل: لا ينعقد وفي (الدراية) في تصوير الانعقاد بلفظ الإجارة عند من يجيزه أن يقول: أجرت نفسي منك ونوى به النكاح وأعلم الشهود.
ولو قال أبو البنت وهبت بنتي منك، فإن كان الحال يدل على النكاح مع إحضار الشهود وتسمية المهر مؤجلاً أو معجلاً ينصرف إلى النكاح، وإن لم يدل الحال عليه فإن نوى وصدقه الموهوب له فكذلك وإن لم ينو ينصرف إلى ملك الرقبة قال في (الفتح): والظاهر أنه إذا لم يدل الحال فلابد مع النية من إعلام الشهود وإذا عرف هذا فلا خلاف في انعقاده بلفظ الهبة والصدقة والجعل والسلم إن جعلت المرأة رأس مال السلم فلو كانت مسلماً فيها قيل: لا ينعقد لأن السلم في الحيوان لا يصح، وقيل: ينعقد لأنه إذا اتصل به القبض أفاد ملك الرقبة ملكاً فاسداً وليس كل ما يفسد المعنى الحقيقي للفظ يفسد مجازيه لعدم اشتراك المفسد فيها، والمنقول عن الإمام من انعقاده بكل لفظ يملك به الرقاب يؤيده، وعلى هذا فقولهم: الأصح انعقاده بلفظ البيع والشراء يعني ولو فاسداً وفي الصرف والقرض والصلح والرهن قولان وينبغي ترجيح انعقاده بالصرف عملاً بالكلية لما أنه يفيد ملك العين في الجملة، وبه ترجيح ما في (الصيرفية) من تصحيح انعقاده بالقرض وإن رجح في (الكشف) وغيره عدمه وجزم السرخسي بانعقاده بالصلح والعطية ولم يحك الإتقاني غيره ورجح في (الولوالجية) عدم انعقاده بلفظ الرهن وهو الموافق للكلية وجعله في (فتح القدير) من القسم الذي لا خلاف في عدم الانعقاد به والواقع ثبوته ففي (البناية) وفي الرهن اختلاف المشايخ وخرج بما وضع للتمليك ما لم يوضع أصلا كالفداء والإجزاء والفسخ والإقالة والكتابة والتمتع والإباحة والإحلال والرضى والإجارة بالرأي والوديعة والخلع.
وأقول: وينبغي أن يقيد بما إذا لم تجعل بدل الخلع فإن جعلت كما إذا قال أجنبي: اخلع زوجتك ببنتي هذه فقبل صح أخذاً من قولهم لا ينعقد بلفظ الإجارة