للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدتها ثلاث حيض، أنت طالق هكذا، وأشار بثلاث أصابع فهي ثلاث،

ــ

عرف هذا فمن الأوجه لمحمد وهو معتمده أنهما تعلقا بشرط واحد وجب أن تطلق زمان نزول الحرية فيصادفها وهي حرة لاقترانهما وجودا فلا تحرم بهما حرمة غليظة، ولهما أن زمان ثبوت العتق زمان ثبوت الطلاق ضرورة تعلقهما بشرط واحد ولا خفاء أن العتق في زمان ثبوته ليس بثابت لإطباق العقلاء على أن الشيء في زمان ثبوته ليس بثابت فلا تصادفها التطليقات وهي حرة بخلاف المسألة الأولى، لأن العتق ثمة شرط فيقع الطلاق بعده وبهذا التقرير اندفع ما في (غاية البيان) من أن قول محمد أقرب إلى التحقيق وهو الأصح عندي (وعدتها) في المسألتين (ثلاث حيض) اتفاقا، لأنها حكم الطلاق فيعقبه ولأنه يحتاط فيها.

قال في (المبسوط): ولو كان الزوج مريضا لا ترث منه لأنه حين تكلم بالطلاق لم يقصد الفرار إذ لم يكن لها حق في ماله ولأن العتق والطلاق يقعان معا ثم الطلاق يصادفها وهي رقيقة فلا ترث انتهى، ومقتضى ما مر عن محمد أن ترث، (أنت طالق هكذا وأشار بثلاث أصابع) جمع إصبع مثلث الهمزة والباء والعاشرة أصبوع كعصفور وقد جمعها بن مالك في قوله:

أتثليث يا إصبع مع شكل همزته ..... من غير قيد مع الأصبوع قد كملا

إلا أن المشهور منها كسر الهمز وفتح الباء ولم يقل وأشار بالإبهام والسبابة والوسطى كما قال محمد لأنه أخصر وأفود، لأن الإشارة لا تختص بها ولأن التعبير بالسبابة جاهلي على ما قيل والاسم الشرعي إنما هو المسبحة، وإن أجيب عن هذا بأنه جاء في رواية ابن عباس في صفة طهوره عليه الصلاة والسلام: (وأدخل السبابتين في أذنيه) ولو كان جاهليا لتحامى عنه ابن عباس بناء على أن الحديث روي لا بالمعنى (فهي ثلاث) لأن الإشارة بالأصابع تفيد العلم بالعدد في مجرى العادة إذا اقترنت بالعدد المبهم قال عليه الصلاة والسلام: (الشهر هكذا أو هكذا) الحديث كذا في (الهداية)، واعترض بأن الذي يكنى به عن العدد المبهم هو لفظ كذا أما هكذا إنما يستعمل بها ما يقصد به معا في أجزاء لفظها نحو {أهكذا عرشك} [النمل: ٤٢] فقصد بالهاء التنبيه وبالكاف التشبيه وبذا الإشارة وهذا هو المراد هنا في الحديث فقوله: أنت طالق هكذا تشبيه بعدد المشار إليه وهو العدد المفاد كميته بالأصابع المشار إليه بذا، بخلاف كذا الكناية فإنه لم يقصد بها معاني الأجزاء بل كلمة مركبة للدلالة على عدد مبهم الجنس والمقدار.

<<  <  ج: ص:  >  >>