للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تجب النفقة

ــ

(الفتح) بأنها الإدرار على الشيء بما به بقاؤه، وأنت خبير بأن هذا شامل لنفقة الدواب كما سيأتي، ثم النفقة على الغير تجب بأسباب الزوجية والقرابة والملك، بدأ المصنف بالأول لمناسبته لما مر من أن النكاح والعدة (تجب النفقة) المنصوص الصريحة فيها، وعلى ذلك انعقد الإجماع وهي الإدرار عليها بما تحتاجه أعم من كونه طعامًا أو شرابًا أو نقدًا لما قالوه من أنها لو شكت منه عدم الإنفاق عليها ولم يكن صاحب مائدة فإن القاضي يفرض عليه دراهم ونبه بوجوبها على أن لها أن تأكل من طعامه وتلبس من كرباسه بغير إذنه كما في (الذخيرة) فإن قلت هل تملك الدراهم المفرروضة بقبضها حتى كان لها خذي هذه الدنانير الخمسة لنفقتك ولم يعين الوقت فهو تمليك الإباحة.

وفي (الذخيرة) فرض لها عشرة نفقة شهر فمضى الشهر وقد بقي منها شيء تفرض لها أخرى وفي (الخلاصة) لو سرقت المفروضة لا يفرض لها أخرى بخلاف المحارم ولا يعارضه ما في (الخلاصة) أيضًا وغيرها من أن الزوج هو الذي يلي الإنفاق إلا إذا ظهر مطله فيؤمر بأن يعطيها لتنفق عليه لأن ذلك لرفع الضرر عنه لا لعدم ملكها وفي (الخلاصة) وللزوج أن يرفعها إلى القاضي ليأمرها بلبس الثوب لأن الزينة حقه وهو ظاهر في أنها لو قترت على نفسها كما هو شأن نساء زماننا حتى صارت هزيلة كان له أن يرفعها إلى القاضي ليأمرها بصرف ما يمنع من ذلك أو أن الزوج يتعاطى ذلك بنفسه.

واعلم أنه لو شرط في العقد أن النفقة تموين كان الشرط غير لازم / ولو حكم بموجب العقد حاكم يرى ذلك عرف ذلك من مارس كتبهم بقي أنه لو حكم الحنفي بفرضها دراهم واستوفى ما لا بد منه هل للشافعي أن يحكم بعد ذلك بالتموين؟ قال الشيخ قاسم في (موجبات الأحكام) بعدما ذكر صورة سجل النفقة قلت: هذا دليل لما أقوله من أنه ليس للشافعي ذلك بناء على أن الزوجية والقرابة سبب لوجوبها بشرطها وإن كان كل يوم سببًا لنفقته أيضًا وأن القضاء يعتمد السبب وتبدل الحال والسعر ونحو ذلك يعتمد السبب الثاني انتهى.

وعلى هذا فلو حكم الشافعي بالتموين ليس للحنفي أن يحكم بخلافه وهذا من الحوادث المهمة فليحفظ، وفي (البحر) من القضاء فإن قلت هل تقدير القاضي النفقة حكم منه؟ قلت: هو حكم وطلب التقرير بشرطه دعوى فقد وجد بعد الدعوى والحادثة ويدل عليه ما في نفقات (خزانة المفتين) وإذا أراد القاضي أن يفرض النفقة يقول: فرضت عليك نفقة امرأتك كذا وكذا في مدة كذا وكذا أو يقول

<<  <  ج: ص:  >  >>