للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وكَتبَ أبو عبد الله بن أبي الخصال في المعنى: كِتابُنا فَسَح الله في طاعَتِه مهَلَكَ، ووَجَّه إلى مرْضاتِه

عَمَلكَ، وأنْهَضَكَ بما قَلَّدَكَ وَحَمَّلَكَ، وَتَمم عوارِفَهُ الحُسْنَى قِبَلَكَ، منْ حَضْرَةِ فُلانَة، حَرَسَها الله، وَنَحنُ

نَحْمَدُ الله على ما أتانَا منْ فَضْله، ونَعْتَصمُ بِعُرْوَته وَحَبْله، ونُصلي أَعَمَّ الصلاة وأزْكاها على محمد

رسولهِ المَخْصُوص بالفَضْل كُلِّه، ثمَّ نَعْهدُ إليكَ، وصَلَ الله توْفيقَكَ، أنْ تُحْضر لما قُلِّدْتَهُ ذِهْنَكَ، وَتَجْمَعَ

لَهُ نَفْسَكَ، فإنَّ من رَتَّبَ من الأمْر حيثُ رَتَّبْتَ، وحسِبَ من القيام بالمُهِمَّاتِ حيثُ حَسِبْتَ، لمْ يَشْغَلْهُ أن

يَنَامَ عنْ قضيَّةٍ تَجْري ببلَدِه، ولا أنْ تُدرِكَهُ غَفْلَةٌ عنْ تَفَقُّدِ ما تَحْتَ يَدِه. والرَّعِيَّةُ بكلِّ جِهَةٍ من جهاتِكمْ

قدْ تَأَذتْ بما بَلَغَهَا من الضَّرر، وتُوُخِّيَ فيها منْ سوءِ السّيَر، حتّى نَفَدَتْ إليْنا طوائفُ الشاكينَ،

وَكَثُرَتْ عنْدنا أرْفاعُ المُتَظَلِّمينَ، وَمِنْ أَمْرِهِمْ بَيِّنٌ ومُشْكلٌ، وفي النَّاس مُحِقٌّ ومُبْطلٌ، ويَتَعَذَّرُ عليْنا،

بِتَنائي ديارِهم والبُعْدِ عنِ مساقِطِ أخْبارِهم، أنْ نَتَوَصَّلَ منْ أَمْرِهم إلى مَعرفة الصحيح من السَّقيمِ،

والمُعْوَج منَ القويمِ. ولَمْ نَخَلْ كثيراً مِمّا يرْفَعُونَهُ منْ قَوْلٍ مُزَوّر، وباطِلٍ في صورةِ الحَقِّ مُصَوّر.

وعِندما التَبَسَ الكِذْبُ منْ ذلكَ بالصدْقِ، والتَفَّ المُبْطِلُ بالمُحِقِّ، صَدَدْنا كثيراً منْ أرْفاعِهم عن

الوصول، وصَرَفْنا دُونها وَجْه القَبول، وأَوْعَزْنا إلى جَماعَتِهم، لِما خِفْناهُ منْ تلَبُّسِهمْ في الأمور،

وشَوْبِهم

<<  <  ج: ص:  >  >>