للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَتَقَدَّمُ إليكَ به مُراعَاة اللوازمِ الجارية هناكَ.

فاجعل أهمَّ أُمورِكَ أنْ تتصفَّحها وتلْمَحَها، فما لم يَكُنْ منها في عهودنا موجوداً، ولا منْ قَبْلِنا مَحْدوداً،

ولا في مصالح المُسلمين موضوعاً ولا معْدوداً، فهو ردٌّ على كلِّ والٍ رَسَمَه، ومَصْروفٌ على كلِّ منْ

ألْزَمَهُ، لا يؤدى منه فتيلَ، ولا يُحْمَلُ منه نَقيرٌ، والزّكواتُ كُلُّها على تبايُنِها في الصِّفَّةِ، وأنْواعها

المُختَلِفَة، تَجري على مُوجِبِ فريضتها، ويوقَفُ بها على حدِّ شريعَتها؛ لا تُحرَّفُ ولا تُبَدَّلُ، عنْ

جهتها، ولا تُعدَّل. ولتُؤخَذْ منَ النِّصابِ بأَعْيانِها، ولتَنْهَ أشَدَّ النهي عنْ قَبْضِ أثْمانها.

وقد ارْتفع في بَعض شكاوي الرَّعية أنها تَطْلُبُ برسم الحالي، وهو لا يُطْلب به الحاضرُ عن

الغائبِ، ولا يؤخَدُ فيه الباقي بعدَ الذَّاهِبِ.

فهذا الصنفُ منَ الجور ترفَعْهُ رفعاً تامّاً، وترُدُّ حُكْمَهُ، وتُعْفي أثره ورسمَه. وأيُّ عامل من عمّال

الرعية تعدَّى بعد ذلك عليها، أو تَسبَّب بزيادة تخصُّه إليها، ويبينُ عندك تعدِّيه، وعلمت صحةَ

استهدافه وتَصَدِّيه، فارفعْ أمْره إلى الوالي، فإنْ غَلَّ يَدَ أذيَّته، وأنْفذ عزله عن رعيته بذلك، وإلا رفعتَ

أمره إلينا مع سائر ما يتَوَقَّفُ لديكَ من الأمور التي تَقْصُرُ عنها يدكَ، وتنْقطعُ دونَ النُّفوذِ عنها غايَتُكَ

وأمرك، لينفذ في ذلك من عهدنا ما تَقِفُ منازِعُكَ عنْده، ويَسْهل لكَ كلُّ صعبٍ بعده.

هذه - أعزَّك الله - أمثالٌ مضروبَةٌ، وهداياتُها منْصوبَةٌ، وقوانينُ موضوعةٌ، وأعلامٌ على طرُقِ

الحقِّ مرفوعة. وفي أكثر ما كانت الأرفاعُ تردُ، وعصائب المتظلمين تَحْتَشِدُ. وأنْتَ إذا كَشَفْتَ غيبها،

وتَقَصَّيتَ طُرُقَها، وأعْطيتَها من بحثكَ وتأمُّلِكَ حَقَّها، ارتَفَعَتِ الشُّبْهة، وراحَتِِ العلة، وتوفرتْ على

المُتَظَلِّمينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>