للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم بمَنْ ظَفَرَ، بحثَ عنْ باطنه، وبَثَّ السؤال في مواضعِ تصرُّفه ومواطنه، فإنْ

لاحَتْ شبْهةٌ أبداها الكشفُ والاسْتِبْراءُ، وَتَعَدّاها البغْيُ والافْتراء، نَكَلَهُ بالعُقوبة أشدَّ نكالٍ، وأوضحَ له

منها ما كانَ ذا إشْكال، بعدَ أَنْ يَبْلُغَ أناه، ويقفَ على طرفِ مداه، وحدَّ لهُ ألا يَكْشِفَ بَشرةَ بشرٍ إلا في

حدٍّ يتعينُ، وإنْ جاءه فاسقٌ بنبأ أَنْ يتَبَيَّن، وأنْ لا يطمعَ في صاحب مالٍ موفُور، وأنْ لاَ يسمع مِنْ

مكشوف في مستور، وأنْ يسْلُكَ السَّننَ المحمودِ، ويُنَزِّهَ عقوبته من الإفراط، وعفوه من تعطيل

الحدود، وإذا انْتهت إليه قصَّة مشكلة أخَّرها إلى غَدِه، فهو على العقاب أقدَرُ منه على رده، فقدْ يَبينُ

في وقْتنا ما لا يبينُ في وقْتٍ، والمعالجة بالعقوبة من المقت، وأنْ يَتَعَهَّدَ هفواتِ ذوي الهناتِ، وأنْ

يَسْتَشْعِرَ الإشْفاقَ، ويَخْلعَ التَّكَبُّر، فإنَّه منْ ملابِسِ أهلِ النِّفاقِ، ولْيُحْسِن لعباد الله اعْتِقادهُ، ولا يَرْفُضْ

زمامَ العدلِ ومَقَادَه، وأنْ يعاقب المجرم على قدر زَلَّتِهِ. ولا يَغْتَرَّ عنْدَ ذَلَّتِه. ولْيعلم أنّ الشيطانَ أغْواه،

وزَيَّنَ له هواه، فيُشْفق منْ عَثَاره، وسوء آثاره، وسَيَشْكُرُ الله على ما وهبَ له منَ العافية، وأَلْبَسَهُ من

ملابِسها الضَّافية، ويَذْكُرَهُ جَلَّ وتعالى في جميع أحواله، يُفَكِّرَ في الحشر وأهواله، ويَتَذَكَّر وعداً يُنْجَزُ

فيه ووعيداً (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا)، والأمير -

<<  <  ج: ص:  >  >>