أيده الله - وليٌّ له ما مدَّ عَدْلاً وبَسَطَ، وبَريء منه إنْ جارَ وقَسَطَ، فمَنْ
قرأهُ فَلْيَقِفْ عند حدِّه ورسْمه، ولْيَعرف لهُ حَقَّ قطْعِ الشرِّ وحَسْمِه، ومنْ وافقَهُ منْ شريف أوْ مشروفٍ،
وخالَفَهُ في نهيِ عنْ مُنْكرٍ أوْ أَمْرٍ بِمَعْروفٍ، فقد تعرض مِنَ العقابِ إلى ما يُذيقه وبالَ جهْلِه (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ).
وفي المعنى لأبي مروان بن أبي الخصال:
كتابُ مَبَرَّةٍ مُجَدَّدَةٍ، وأثْرَةٍ مؤكدة، وحُرْمَةٍ مُتَّصِلَةٍ الأسبابِ ممُهّدَة، أمر به أبو فلان - أيده الله - لفلان
ابن فلان صانه الله، وأمَدَّه بتقواه. قَدَّمه به إلى خُطَّةِ أحكام المدينة بحاضرة فلانة، حينَ أُخيفتْ سبل
السيَّارَة، وظهر فيها أهل الفِسْق والدَّعارة، وصدُّوا المسلمين عنْ وجوه المعيشة والتِّجارة، لما رجاه
من قيامه بالخُطَّةِ واضطلاعه، وتَوَقُّده على حسمِ الشَّرِّ واجتماعه، مع ما بلاهُ قديماً وحديثاً منْ حميد
أثره، وَرَضِيِّه على الامتحان من مختبره، وتحققه من حُسْنِ مذاهبه وسِيَره، واعتقد فيه تَغْييرَ
المُنْكراتِ، وقَطْعَ المُسكرات، وَكَفَّ أهل العدوان والاسْتطالاتِ، ورَدَّ الجائرينَ عنْ القصد إلى سواء
الطريق. وعهِدَ إليه أنْ يَبُثَّ الاحتراس في سُبُلِ المسلمينَ ومسالكهم، ويُذْكيَ العيون في طُرُقِهم
ومنَاكِبِهم، إرْصاداً للمحاربينَ، وأخْذاً فوق أيدي المُفْسدينَ، ليَتَصَرَّفَ الناسُ في معائشهم آمنين،
ويمشوا في مناكبِ الأرضِ مطْمَئنينَ، وجعل عليه إقامة الحُدود، وإنفاذَ الأحكام فيها على واجب حقها
المحدود، إلاّ ما كانَ قَتْلاً أوْ رَفْعاً، فإنه مأمورٌ فيه بردِّه إليه - أيده الله - يُشاملُهُ بِحُسْنِ نظره، وَيُقَابِلُ
كُلَّ