الكرامِ، أجابوه مُسْرعين بألْسِنَةٍ ناطقة، ونِيَّاتٍ صادقة، وصدور
مُنْشَرِحة، وقلوبٍ مُنْفَسِحَةٍ، مُبادرينَ الانْتِظَامَ في سلكِ الطَّاعة، مُسَارعينَ لاقْتِفَاءِ سَنَنِ الطَّائفَةِ
المَنْصورة والجماعة، وأَعْطوا صَفْقَةَ أَيْديهم، ويَدُ الله فَوْقَها، مُتَطَوِّقينَ على ما يُرْضي الله تباركَ
وتعالى طَوْقَها، والْتَزَموها بيعَةَ رِضْوانٍ، وعقيدة إِيمَانٍ، واعْتَقَدوا بها السمع والطاعة على كلِّ حال
وفي كل زمانٍ، وعَلِموا أنَّ الله سبحانه قدْ صَنَعَ بها صُنْعاً كريماً، والْتَزَموا الوفاء بها. (وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا). وكَتَبَ العبيدُ المُسْتَبْشِرُون أَسْماءهم بِسَوادِ عيونِهم، في صفحات قلوبهم ويقينهم، شاهدين على أَنْفُسِهم بما
الْتَزَموه منْ هذه البيعة السعيدة، وارْتَبَطُوا لهُ منَ العُهودِ الوَكيدَة، (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا). وذَخَروها إلى (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا). وذلك في شهر
كذا من سنة كذا.
ثمَّ خَتَمَ الرُّقْعَةَ بهذا الدُّعاء: اللهمَّ اجْعلها خلافة عُقِدَتْ على التَّقوى معَاقِدُها، وعَمرَتْ بالوفاء معاهدها،
واجْمَع القُلُوبَ على حُبِّ خَليفَتِكَ، على عبادِكَ وسُلْطانِكَ في بلادِكَ، وأَلِّفْ عليه كلمة الإسلام، وانْصُرْ
به دينَ نبيِّكَ محمد عليه السلام، وآوِ العبادَ منه إلى رَبْوَةٍ ذاتِ قرارٍ وَمعينٍ، واجْعلها كلمةًَ باقية في
عَقِبِه إلى يومِ الدينِ.
اللهم وَفِّقْهُ للخيرِ وأعِنْهُ عليهِ، وأَصْلِحِ الرَّعيَّة به وعلى يديه، وأطل اللهمَّ عُمْره، وأَدِم تَأْييده ونَصْرَهُ،
وأبْقِه خليفةً سعيداً مُجاهداً في سبيلِكَ، مُتَّبِعاً سُنَّةَ رَسولِكَ، وأَيِّدْه بجُنْدِكَ القوي، ونَصْرِكَ العلي، وأَعْل
كَعْبَه، وانْصُرْ حِزْبَه، واهلكْ منْ حَادَهُ وأَعِدَّ حَرْبَهُ، (إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وأَنْتَ (نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).