حضيض، وليس لها إشْراقٌ ولا وميض. وإنِّي وإنْ كُنْتُ منْ هذا الصِّنْفِ الأرضي، والجِنْسِ البشري،
فلي نفسٌ لا تقْنَعُ بمكانِها، ولا تقِرُّ إلا في مرفعِ كيوانها. فهي لا تُعَرِّجُ إلا على السُّها،
ولا تتفرَّجُ إلا في سدرة المنْتَهَى ولذلك لم تُبد
الابْتِسامَ إلا إلى مُلْكِك، ولم أرَ الانتظام إلا في سلكك، وقدْ سرتُ مسير الشمس، ولم يبقَ لي غَيْرُكَ من
ملوكِ الإنس، فما استسغْتُ عند ملِكٍ لهم جيشاً، ولا وجَدْتُ رقيقَهم إِلاَّ خَيْشاً، فعَلِمْتُ أنّي في فنائك
أستقر، وأنَّ عَيْني باجتلاء عينك تقر، فقوضتُ إليك رَحْلي، وبَشَّرْتُ بخِصبكَ مَحْلي، وجَعَلْتُ أخُبُّ
وأخِذ، ولا ألْوي على منْ أجد، إلى أنْ فَرَغْتُ من الأرض وصحوتُ منْ سراها، وقُرِّبَتْ لي الفُلْكُ
فقلتُ: (بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) وما زلتُ بين قوادمها وخوافِيها، ألاحِظُ المنايا حيناً وحيناً أُوافيها، حتى حطَّ لي في جانِبِ
حضرتِكَ الشراعُ والسَّفينُ، وآويتُ منها (إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) فقلت (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ) وقَدَّمْتُ كتابي بين يدي لقائي، وجعلتُه طليعة رجائي،
ورَأْيُهُ - أيده الله - فيما يراه منْ تنويه الوصول، والتوجيه المأمولِ. إن شاء الله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute