مذكور بلفظ التنكير مرتين. فكأن كل واحد منهما غير الآخر.
وقال الفراء: العرب إذا ذكرت نكرة، ثم أعادتها بنكرة مثلها صارت اثنتين. كقولك: إذا اكسبت
درهماً فأنفق درهماً. فالثاني غير الأول. وإذا أعدتها بمعرفة فهي كقولك: إذا كسبت درهماً فأنفق
الدرهم، فالثاني هو الأول.
قال الفراء:(ومن هذا قول بعض الصحابة: لن يغلبَ عُسْرٌ يُسْرين. وقال بعض المتأخرين: (هما
سواء لا فرق بينهما، والذي استشهد به الفراء غير ذلك. وذلك أن القائل إذا قال: إن في الدَّارِ زَيْداً إنَّ
في الدار زيداً مرتين، لم يدل على أنه غير زيد واحد، كما لم يدل على أكثر من دار واحدة).
قال: وقول عمر (لن يغلبَ عسرٌ يُسْرين) معناه أن للعسرين يسرين. إمَّا فرجٌ عاجِلٌ في الدنيا، وإما
ثوابٌ في الآخرة.
وقال محمد بن المؤمل في قوله تعالى (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) قال: هو من مظاهر القول، يراد به التوكيد كقوله (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ).
وكقول الشاعر:
إذا التيازُ ذو العضلات قلنا ... إليك إليك ضاق بها ذِراعا